- وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ, فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ, وَحَسَّنَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ, وَقَوَّاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ الْجَارُودِ.
(969) 05- وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ , وَزَادَ فِي آخِرِهِ: «إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ». وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
تخريج الحديثين:
حديث أبي أمامة الباهلي I: رواه أحمد (5/267)، وأبو داود (3565)، والترمذي (2120)، وابن ماجه (2713) وغيرهم، وإسناده حسن، وله طريق أخرى عن أبي أمامة I، رواها ابن الجارود في المنتقى (449)، وإسنادها حسن كذلك، فحديث أبي أمامة I صحيح لغيره، وله شواهد عن غيره من الصحابة.
حديث ابن عباس L: رواه أبو داود في ]المراسيل[ (349)، والدارقطني (4/97)، والبيهقي (6/263) وقال المصنف: «وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ»، وقال في كتابه ]التلخيص[([1]): «المعروف مرسل»، وذلك لأن المشهور أنه عن عطاء الخرساني عن ابن عباس L ولم يسمع منه، وقد ضعف الشيخ الألباني V هذا الحديث بهذه الزيادة([2]).
فقه الحديثين:
المسألة الأولى: الوصية للوارث([3]):
لا خلاف بين العلماء أن الوصية للوارث وصية باطلة إذا لم يجزها الورثة، فقد ثبت عن النبي H أنه قال: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ».
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن هذه الوصية تصح إذا أجازها الورثة؛ لأنه حق لهم تنازلوا عنه، وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث زيادة في آخره، وهي قوله: «إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الوَرَثَةُ».
المسألة الثانية: لمن تكون الوصية([4]):
عامة العلماء على أن الوصية تستحب أن تكون للأقارب غير الورثة، فقد قال تعالى: ﴿ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ لِلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَ ﴾ [البقرة: ١٨٠]، وخرج من هذه الآية: الوارثون إما بآية المواريث، وإما بحديث أبي أمامة، وإما بالإجماع، وبقي غير الورثة.
سواء كان القريب وارثًا ولكنه محجوب بغيره، كهالك عن ابن وأخ، فالوارث هو الابن ولا يرث الأخ، فهو وإن كان وارثًا في الأصل؛ لكنه حجِب عن الإرث بغيره، فصحت له الوصية.
أم كان القريب غير وارث في الأصل، كبنات الأخ.
وتصح الوصية لغير الأقارب، لكنه خلاف الأفضل، فالمستحب الوصية للأقربين، وعلى هذا جمهور العلماء، فكما تصح العطية له في حياة المعطي؛ فكذلك تصح له بعد موته.
([1]) (3/106).
([2]) الإرواء (1656).
([3]) المغني (8/396)، تفسير ابن كثير (1/387)، تفسير القرطبي (2/177)، (5/53)، فتح الباري (6/25).
([4]) تفسير القرطبي (8/177)، فتح القدير للشوكاني (1/178)، المغني (8/394)، فتح الباري (6/7، 24).