وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ? قَالَ: «تُطْعِمُهَا إِذَا أَكَلْتَ, وَتَكْسُوهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ, وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ, وَلَا تُقَبِّحْ, وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَابْنُ مَاجَهْ، وَعَلَّقَ الْبُخَارِيُّ بَعْضَهُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ.
تخريج الحديث:
حديث معاية بن حيدة I: رواه أحمد (5/1)، وأبو دواد (2142)، والنسائي في الكبرى (9171)، وابن ماجه (1850)، وعلق البخاري في ]صحيحه[ قوله: «غَيْرَ أَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي البَيْتِ»، والحديث إسناده حسن.
فقه الحديث:
مسألة: نشوز المرأة([1]):
معناه: معصية الرجل فيما فرض الله تعالى عليها من طاعته، كأن يدعوها للفراش فتمتنع، أو تخرج من بيته بغير إذنه.
اتفق العلماء على أن للزوج تأديبها، فيبدأ أولًا بوعظها، أي: يخوفها بالله D وما يلحقها من الإثم، وما يسقط من حقوقها بمقابل نشوزها من النفقة والكسوة والقسم، ويهددها بالهجر والضرب إن أصرت على النشوز، ولا يلعنها ولا يقول لها: «قبحك الله».
فإن لم ينفع ذلك؛ فله هجرها في المضجع، أي: لا يضاجعها في الفراش، فإن لم ينفع ذلك؛ فله ضربها ضربًا غير مبرّح، أي: ليس بشديد؛ لأن المقصود: التأديب والإصلاح، وعليه أن يجتنب الوجه والمواضع المخوّفة، وكل هذا مذكور في كتب المذاهب الأربعة وغيرها.
وبرهان ما سبق قوله D: ﴿ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّ ﴾ [النساء: ٣٤]، وفي ]صحيح مسلم[ عن جابر I قال: قال رسول الله H: «فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ»، وفي حديث معاوية بن حيدة I: «وَلَا تَضْرِبِ الوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي البَيْتِ»، أي: لا يهجرها خارج البيت، فربما استوحشت أو تضررت.
ولا بأس أن يهجرها خارج البيت لمصلحة، كما لو كانت لا تنزجر إلا به، فقد هجر النبي H نساءه شهرًا في مشربة خارج بيوتهن.
وتكون مدة الهجر بالمضجع بحسب الحاجة، فليس في الأدلة توقيت بمدة، وقد هجر النبي H نساءه شهرًا.
وأما الكلام؛ فلا يجوز له هجرها فوق ثلاثة أيام كسائر المسلمين، للنهي عن ذلك. وهو ظاهر مذهب الحنفية والمالكية، وهو المذهب عند الشافعية والحنابلة.
فائدة: يجوز أيضًا للزوج تأديب زوجته بالهجر والضرب إذا تركت
فرائض الله تعالى، كالصلاة المكتوبة وصيام رمضان والغسل من الحيض والجنابة بعد وعظها ونصحها، كما نص عليه المالكية والحنابلة وغيرهم، قال تعالى: ﴿ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا ﴾ [التحريم: ٦].
([1]) تفسير القرطبي (5/112)، بدائع الصنائع (2/335)، المغني (10/260)، روضة الطالبين (5/674)، مجموع الفتاوى (32/270)، فتح الباري (10/380).