عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, عَنِ النَّبِيِّ H أَنَّهُ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ, وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديث:
حديث أنس بن مالك I: رواه البخاري (5086)، ومسلم (1045).
فقه الحديث:
مسألة: مم يكون الصداق([1]):
أولًا: من المال.
أجمع العلماء على أن الصداق يصح من الأموال، سواء كان نقودًا أو عروضًا، قال تعالى: ﴿ أَن تَبۡتَغُواْ بِأَمۡوَٰلِكُم مُّحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَ ﴾ [النساء: ٢٤].
ثانيًا: من المنافع.
كأن يعمل عملًا تنتفع به المرأة ويجعله صداقًا لها برضاها. الصحيح من أقوال أهل العلم أن المنافع تصح أن تكون مهرًا؛ لأدلة:
- ما قاله صاحب مدين لموسى S: ﴿ قَالَ إِنِّيٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَيَّ هَٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِي ثَمَٰنِيَ حِجَجٖ ﴾ [القصص: ٢٧]، وشرع من قبلنا شرع لنا، وقد جاء من شرعنا ما يوافقه - كما سيأتي.
- أن النبي H تزوج صفية بنت حيي J وجعل صداقها عتقها، ولم ينقل عنه أنه دفع لها مالًا، والعتق منفعة.
- أن النبي H زوج رجلًا معه سور من القرآن، وجعل مهر المرأة أن يعلمها مما معه من القرآن، كما سبق من حديث سهل بن سعد I.
- أن المنافع وإن لم تكن مالًا فقد أجريت مجرى المال، ويجوز المعاوضة عنها.
وهذا مذهب الشافعية، والمشهور عند المالكية، والحنابلة، والأفضل أن يكون من المال؛ لأنه أضبط ودفعًا للنزاع.
([1]) بداية المجتهد (2/31)، المفهم للقرطبي (4/131)، المغني (10/101)، المجموع شرح المهذب (18/10)، زاد المعاد (5/176)، فتح الباري (10/267)، الإنصاف (8/230).