- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ. قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : «أَعْطِهَا شَيْئًا». قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: «فَأَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ?». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عباس L: رواه أبو داود (2125)، و النسائي في الكبرى (3/332) وغيرهما، وإسناده صحيح.
فقه الحديث:
مسألة: تسمية الصداق عند العقد وتعجيله([1]):
أجمع العلماء على أنه يصح عقد النكاح من غير تسمية مهر، بشرط عدم نفيه، ويجوز تأخيره، فقد قال D: ﴿ لَّا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ إِن طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمۡ تَمَسُّوهُنَّ أَوۡ تَفۡرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ ﴾ [البقرة: ٢٣٦]، فصحح الله D النكاح الذي لم يفرَض فيه للمرأة شيء، إذ صحح فيه الطلاق، ولحديث معقل بن سنان I الآتي.
ويستحب تسمية الصداق عند العقد وتعجيله؛ لما فيه من قطع لاحتمال النزاع بين الزوجين، أو بين الزوج وولي المرأة، ولأنه أنفع للمرأة، لأنه إذا طلقها قبل الدخول بها؛ وجب لها نصف المهر المسمى، أما إذا لم يسمه؛ فليس لها إلا المتاع - كما سيأتي -، ولما في تسميته وتعجيله من إدخال المسرة على المرأة والتألف لها.
والمنقول عن السلف الصالح أنهم كانوا يعجلون دفع المهر، ولا يؤخرون منه شيئًا، وعن ابن عباس L قال: «لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ L قَالَ لَهُ
رَسُولُ الله H أَعْطِهَا شَيْئًا، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: فَأَيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ؟»، والحطمية: نسبة إلى قبيلة كانت تصنع الدروع، فحرص رسول الله H على أن يسمي مهرًا لابنته، وعلى أن يدفع لها معجلًا، مع أن عليًّا I ذكر أنه ليس معه شيء.
وفي حديث سهل بن سعد I قال النبي H للخاطب الذي ما عنده شيء: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ»، فكل هذا يدل على استحباب تسمية المهر وتعجيله.
([1]) فتح القدير (3/316، 370)، بداية المجتهد (2/26)، شرح مسلم (9/182)، المغني (10/115، 147، 264)، مجموع الفتاوى (32/195)، فتح الباري (10/264).