وَعَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «يَا غُلَامُ! سَمِّ اللَّهَ, وَكُلْ بِيَمِينِكَ, وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
تخريج الحديث:
حديث عمر بن أبي سلمة I: رواه البخاري (5376)، ومسلم (2021).
فقه الحديث:
المسألة الأولى: التسمية عند الأكل([1]):
اختلف العلماء في حكمها؛ فذهب جمهور العلماء إلى أنها مستحبة فقط؛ لأن الأمر بها من باب الأدب.
ومذهب الظاهرية وبعض الحنابلة: أن التسمية واجبة، فقد أمر النبي H بها، فقال: «يَا غُلَامُ ! سَمِّ اللهَ»، والأمر يقتضي الوجوب، وذكر أيضًا استحلال الشيطان للطعام إذا لم يسمَّ الله صاحبه، ففي ]صحيح مسلم[ عن جابر I قال النبي H: «إِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاء»، وفي ]مسلم[ عن حذيفة I في المرأة التي دخلت كأنها تدفع فأخذت لتضع يدها في الطعام، فقال رسول الله H: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا».
وهذا هو الأرجح.
والأفضل في التسمية: الاقتصار على القول بـ«بسم الله»، فهذا ظاهر الأدلة، فإن زاد عليها «الرحمن الرحيم» فلا بأس في ذلك، فالأمر واسع.
وإذا نسي التسمية في أوله؛ فليقل إذا ذكر في أثناء الأكل: «بسم الله أوله وآخره»، فقد ثبت هذا عن رسول الله H عند أبي داود (3767، 3768)، وابن حبان (5213) وغيرهما، من حديث جماعة من الصحابة M([2]).
المسألة الثانية: الأكل مما يلي الآكل([3]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يستحب للشخص أن يأكل مما يليه، ويكره له أن يأكل مما يلي غيره؛ لما فيه من تعد على حق الغير، فكل واحد من الجالسين كالحائز لما يليه من الطعام، ولما يحصل من الأذية والتقزز للجليس بسبب هذا الفعل، وقد أمر النبي H عمر بن أبي سلمة I أن يأكل مما يليه، فقال له: «وَكُلْ بِيَمِينِكَ»، والأمر للاستحباب؛ لأنه من باب الأدب، والمشهور عند الأصوليين أن الأمر إذا كان للأدب فإنه يفيد الاستحباب، ولا يكون للوجوب.
ولا بأس بالأكل مما يلي الغير إذا لم يعرف منه كراهية واستقذار لذلك، أو كان في الطبق أجناس متغايرة، ففي ]الصحيحين[ من حديث أنس I: «إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولَ اللَّهِ H لِطَعَامٍ صَنَعَهُ، فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ H فَرَأَيْتُهُ يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ، قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ مِنْ يَوْمِئِذٍ».
المسألة الثالثة: الأكل باليد اليمنى:
ستأتي هذه المسألة قريبًا.
([1]) شرح مسلم (13/160)، الاستذكار (26/342)، المغني (13/355)، المحلى مسألة (1022)، فتح الباري (10/655)، الإنصاف (8/386).
([2]) انظر الإرواء (1965).
([3]) شرح مسلم (13/163، 188)، المغني (13/356)، فتح الباري (10/656، 658)، فتح ذي الجلال والإكرام (11/412).