وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِوِ بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ: أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ كَانَ دَمِيمًا وَأَنَّ امْرَأَتَهُ قَالَتْ: لَوْلَا مَخَافَةُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ لَبَسَقْتُ فِي وَجْهِهِ.
(1079) 04- وَلِأَحْمَدَ: مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ خُلْعٍ فِي الْإِسْلَامِ.
تخريج الحديثين:
حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: رواه أحمد (4/3)، وابن ماجه (2057)، وسنده ضعيف، فيه الحجاج بن أرطأة، فيه ضعف، وهو مدلس وقد عنعنه.
وحديث سهل بن أبي حثمة I: رواه أحمد (4/3)، وفيه أيضًا الحجاج بن أرطأة، فالسند ضعيف.
فقه الحديثين:
المسألة الأولى: الخلع مع استقامة الحال([1]):
أي: بلا سبب ولا حاجة.
مذهب بعض السلف والظاهرية، ورواية لأحمد: أن الخلع يحرم في هذه الحالة، وإنما شرع للمرأة المخالعة عند الخوف ألا تقيم حدود الله، فقد قال D: ﴿ فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَا فِيمَا ٱفۡتَدَتۡ بِهِۦ... الآية ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، وقبل النبي H طلب امرأة ثابت I بالخلع لما قالت: «وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلَامِ»، أي: أكره أن أقصر في حقه، فأأثم؛ لأنه ينافي دين الإسلام، وأما ما جاء أنها قالت: «لَوْلَا مَخَافَةُ الله إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ لَبَسَقْتُ فِي وَجْهِهِ» فلا يثبت عنها.
ولأنه فراق بلا سبب، وقد جاء عن ثوبان I أن رسول الله H قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ»، رواه أحمد (5/283)، وأبو داود (2223)، وابن ماجه (2055)، وسنده صحيح.
وذهب جمهور العلماء إلى جواز الخلع في هذه الحالة مع الكراهة، فقد قال D: ﴿ وَءَاتُواْ ٱلنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحۡلَةٗۚ فَإِن طِبۡنَ لَكُمۡ عَن شَيۡءٖ مِّنۡهُ نَفۡسٗا فَكُلُوهُ هَنِيٓٔٗا مَّرِيٓٔٗا ٤ ﴾ [النساء: ٤]، فإذا جاز أخذ العوض منها جاز الخلع.
والآية السابقة خرجت مخرج الغالب، فالغالب أن الخلع يقع إذا كرهت الزوج ووجد منها الشقاق والنشوز.
وحديث ثوبان I في المرأة تطلب الطلاق، وهنا المسألة في الخلع، وستفتدي نفسها بالمال، أو يحمل على الكراهة، وهذا هو الأقوى.
وأما إذا كرهته، ولكنه لا تخشى ألا تقوم بحقوقه الواجبة؛ فجوازه هنا ظاهر ومع الكراهة.
المسألة الثانية: أول خلع في الإسلام:
قال العلماء أول خلع حصل في الإسلام لامرأة ثابت بن قيس I، وكان من المبشرين بالجنة، لا يعاب عليه في خلق ولا دين، وجاء أنه كان دميمًا –أي: قبيح- الوجه.
وقد اختلف في اسم امرأة ثابت I.
قال الحافظ بن حجر V: «وهذا يدل على تعدد الخلع منه»، وفي هذا نظر، ولا يضر على كل حال الاختلاف في اسمها.
وقد حصل الخلع - أيضًا - بعد ذلك للربيع بنت معوذ J، وجاء أن ذلك كان في زمن النبي H، رواه الترمذي (1185). وجاء أنه كان في زمن عثمان ابن عفان I، رواه ابن أبي شيبة (4/119) بسند صحيح، وهذا هو المحفوظ.
([1]) المحلى مسألة (1974)، المغني (10/270)، بداية المجتهد (2/68)، البيان في مذهب الشافعي (10/8)، الإنصاف (8/383)، سبل السلام (3/350)، الدرر السنية (7/267).