الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلَ فُلَانٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا اِمْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ, كَيْفَ يَصْنَعُ? إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ, وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ!

عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلَ فُلَانٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا اِمْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ, كَيْفَ يَصْنَعُ? إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ, وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ!
6

عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ: سَأَلَ فُلَانٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ أَنْ لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا اِمْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ, كَيْفَ يَصْنَعُ? إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ, وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ! فَلَمْ يُجِبْهُ, فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ, فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ قَدِ ابْتُلِيتُ بِهِ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَاتِ فِي سُورَةِ النُّورِ, فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ وَوَعَظَهُ وَذَكَّرَهُ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ. قَالَ: لَا, وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا, ثُمَّ دَعَاهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَعَظَهَا كَذَلِكَ, قَالَتْ: لَا, وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنَّهُ لَكَاذِبٌ, فَبَدَأَ بِالرَّجُلِ, فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ, ثُمَّ ثَنَّى بِالْمَرْأَةِ, ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

تخريج الحديث:

حديث ابن عمر L: رواه مسلم (1493).
فقه الحديث:

المسألة الأولى: متى يشرع اللعان بين الزوجين([1]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن اللعان يشرع برمي الرجل لزوجته بالزنى، ولا يشترط فيه أن يكون الزوج قد رأى الزنى بعينه، ولا أن ينفي حملًا ولا ولدًا، خلافًا لبعض العلماء الذين يشترطون الرؤية للزنى أو النفي للولد، وذلك لقوله D: ﴿ وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ أَزۡوَٰجَهُمۡ وَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمۡ [النور: ٦]، فاكتفت الآية بمجرد الرمي لها بالزنى.

المسألة الثانية: صفة الملاعنة بين الزوجين([2]):

صفتها: أن يقول الرجل: «أشهد بالله أن زوجتي قد زنت» ويكررها أربعًا، ويقول في الخامسة: «لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين»، ثم تقول المرأة: «أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنى» وتكررها أربعًا، وتقول في الخامسة: «غضب الله علي إن كان من الصادقين».

وخُصت المرأة بلفظ الغضب؛ لعظم الذنب بالنسبة إليها، لأن الرجل إذا كان كاذبًا لم يصل إلى أكثر من القذف، وأما المرأة إن كانت كاذبة فذنبها أعظم، لما فيه من تلويث الفراش، وإلحاق من ليس من الزوج به.

ولا يجوز تغيير الغضب مكان اللعن، ولا العكس عند جمهور العلماء، بقاءً مع النص، وهو الراجح.

وهذه الصفة في الملاعنة هي المذكورة في أول سورة ]النور[ وفي بعض الأحاديث الصحيحة.

المسألة الثالثة: إذا رفض الرجل أو المرأة الملاعنة([3]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن على الزوج حد القذف، لأن اللعان للزوج براءة له، كالشهود من القاذف الأجنبي، لا تحصل له البراءة من الحد إلا بهم، فكذلك الزوج عليه الحد إن لم يلاعن، وقد قال النبي H للرجل الذي قذف امرأته بالزنى: «أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الآخِرَةِ»، بعد أن وعظه وذكره.

وفي ]البخاري[ من حديث ابن عباس L قال له النبي H: «الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ».

والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن المرأة إذا رفضت الملاعنة أن عليها حد الزنى، لقوله E: ﴿ وَيَدۡرَؤُاْ عَنۡهَا ٱلۡعَذَابَ أَن تَشۡهَدَ أَرۡبَعَ شَهَٰدَٰتِۢ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٨ [النور: ٨]، وفي حديث ابن عمر L أن النبي H وعظها وذكرها وقال لها أيضًا: «أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ
عَذَابِ الآخِرَةِ»
.

المسألة الرابعة: إذا جاء الزوج بأربعة شهود على صدق دعواه([4]):

اختلف العلماء في لزوم الملاعنة عليه في هذه الحالة:

فمذهب المالكية: أنه لا بد أن يلاعن؛ لأن الشهود إنما هم لدرء الحد، وأما حق الفراش فلا بد فيه من الملاعنة، وأيضًا هذا الذي حكم به الله E ورسوله H ولم يُطلب من الزوج شهود لدفع اللعان.

ومذهب جمهور العلماء: أنه لا يلزم عليه اللعان، لظاهر قوله E:
﴿ وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ أَزۡوَٰجَهُمۡ وَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُم... الآية [النور: ٦]، فجعل اللعان على الزوج إذا لم يكن له شهود غير نفسه، والملاعن في عهد رسول الله H لم يأت بالشهود فطلب منه الملاعنة.

وهذا هو الراجح.

 

([1]) الاستذكار (17/205)، بداية المجتهد (2/116)، المغني (11/136)، فتح الباري (10/551)، أضواء البيان (6/134).

([2]) بداية المجتهد (2/119)، المغني (11/176)، شرح مسلم (10/101)، فتح الباري (10/551).

([3]) الاستذكار (17/209)، بداية المجتهد (2/119)، المغني (11/136)، زاد المعاد (5/365)، أضواء البيان (6/133).

([4]) الاستذكار (17/209)، المغني (11/141)، بداية المجتهد (2/118)، أضواء البيان (6/146).

6 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة