عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ: أَنَّ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ J نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ, فَجَاءَتْ النَّبِيَّ H فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ, فَأَذِنَ لَهَا, فَنَكَحَتْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَأَصْلُهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً.
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَلَا أَرَى بَأْسًا أَنْ تَزَوَّجَ وَهِيَ فِي دَمِهَا, غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا حتَّى تَطْهُرَ.
تخريج الحديث:
حديث المسور بن مخرمة I: رواه البخاري (3520)، وأصله في البخاري (537)، ومسلم (1485) من حديث أم سلمة J لا من حديث المسور I، وقوله: «وَفِي لَفْظٍ: «أَنَّهَا وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً»» رواه البخاري (4909) من حديث أم سلمة J.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: عدة الحامل([1]):
أجمع العلماء على أن المطلقة الحامل تستمر عدتها من حين طلاقها حتى تضع حملها، سواء كان طلاقًا رجعيًّا أم بائنًا، لقوله E: ﴿ وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: ٤].
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن الحامل المتوفى عنها زوجها - كذلك - تعتد بالحمل وتنتهي عدتها بوضع حملها، ولو وضعت بعد موت زوجها بدقائق، فقد نفست سُبيعة J بعد موت زوجها بليال، فأذن لها رسول الله H بالتزويج، وهذا الحديث يكون مخصصًا لعموم قوله D: ﴿ وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوۡنَ مِنكُمۡ وَيَذَرُونَ أَزۡوَٰجٗا يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرۡبَعَةَ أَشۡهُرٖ وَعَشۡرٗا ﴾ [البقرة: ٢٣٤].
المسألة الثانية: الحمل الذي تنقضي العدة بوضعه([2]):
الصحيح الذي عليه جمهور الفقهاء: أن الحمل الذي تنقضي به العدة هو ما بان فيه شيء من خلق الإنسان، ولو كانت مضغة تصورت، ولو صورة خفية تثبت بشهادة الثقات من القوابل، لأن المقصود من انقضاء العدة: براءة الرحم، وهو حاصل هنا.
وأما إذا ألقت نطفة أو علقة أو مضغة لا صورة فيها؛ فلا تنقضي العدة بهذا الوضع، لأنه مشكوك فيه، فالعدة متيقنة فلا تنقضي بالمشكوك فيه، إلا إذا أمكن التيقن أنه جنين لو بقي لتخلق.
([1]) تفسير القرطبي (3/115)، المغني (11/227)، شرح مسلم (10/92)، فتح الباري (10/594).
([2]) المغني (11/229)، الموسوعة الفقهية (29/318).