وَعَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا, وَأَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ, قَالَ: فَأَمَرَهَا, فَتَحَوَّلَتْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث فاطمة بنت قيس J: رواه مسلم (1482).
فقه الحديث:
مسألة: دليل من يرى بوجوب السكنى للمطلقة البائن([1]):
ذهب جمهور العلماء إلى أن المطلقة البائن التي طلقها زوجها الثالثة لها السكنى على مطلقها، لعموم قوله D: ﴿ أَسۡكِنُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ سَكَنتُم ﴾ [الطلاق: ٦]، وقوله E: ﴿ لَا تُخۡرِجُوهُنَّ مِنۢ بُيُوتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: ١]، فيشمل المطلقة الرجعية والبائن.
وما جاء عن فاطمة بنت قيس J أنها طلقت الثالثة، فقال النبي H: «لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ»، قد جاء عنها أيضًا أنها قالت: «يَا رَسُولَ الله! إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلَاثًا، وَأَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ –أي: أن يهجم عليها بعض أهل السوء-، قَالَ: فَأَمَرَهَا، فَتَحَوَّلَتْ –أي: فانتقلت مسكن آخر-»، فتبين من هذا أن النبي H إنما أذن لها بالانتقال من مسكن زوجها؛ خشية الضرر عليها، لا أن السكنى لا تجب لها على زوجها.
وفي ]صحيح مسلم[ عندما أخبر عمر I بقول فاطمة بنت قيس J أنكر عليها وقال: «لَا نَدَعُ كِتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا H لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَا نَدْرِي أَحَفِظَتْ أَمْ نَسِيَتْ»، إلا أن قوله: «وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا» لا يثبت عن عمر I، كما ذكره بعض الأئمة، كالإمام أحمد والدارقطني([2]).
وسبق أن الأرجح أنه لا سكنى لها، فقد نقلت فاطمة J عن النبي H أنه قال: «لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ»، وما جاء عنها هنا يحمل على أن الأفضل للمطلقة البائن السكنى عند مطلقها، لا أنه يجب؛ جمعًا بين الروايات التي جاءت عن فاطمة بنت قيس J.
([1]) انظر المراجع في مسألة: السكنة للمطلقة.
([2]) شرح مسلم (10/81)، المغني (11/301).