الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ; الْأَطْهَارُ. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي قِصَّةٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

عَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ; الْأَطْهَارُ. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي قِصَّةٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
6

وَعَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ; الْأَطْهَارُ. أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي قِصَّةٍ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.

تخريج الأثر:

أثر عائشة J: رواه مالك في الموطأ (1/637)، وابن أبي شيبة (4/158) وغيرهما، وسنده صحيح.

فقه الأثر:

المسألة الأولى: عدة الحرة المطلقة غير الحامل المدخول عليها([1]):

لم يختلف أهل اللغة وأهل الفقه في أن القرء في لسان العرب يطلق على الطهر والحيض.

وإنما اختلفوا في المعنى المراد بقوله D: ﴿ وَٱلۡمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصۡنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖ [البقرة: ٢٢٨]، على قولين:

القول الأول: القروء في الآية: الأطهار، ففي ]الصحيحين[ عن ابن عمر L أنه طلق امرأته وهي حائض فقال رسول الله H: «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبَلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ التِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ»، أي: في قوله D: ﴿ إِذَا طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق: ١]، فبين هذا الحديث أن الطهر هو العدة التي أمر الله D أن تطلق لها النساء.

فالعدة والطلاق كلاهما يحصل في الطهر، وهذا الزمن في الطهر من بعد الطلاق إلى الحيض هو العدة، والعدة هي الإقراء.

فعليه: إذا طلقها في طهر لم يمسها فيه في أوله أو في آخره، ثم جاءها الحيض؛ تكون قد انتهت من قرء، فإذا طهرت من الحيضة ودخلت في الحيضة الثانية كان قرءًا ثانيًا، فإذا طهرت من الثانية ودخلت في الثالثة؛ فهو قرء ثالث، وبه اكتملت لها ثلاثة قروء، وانقضت العدة، وبانت من زوجها، والحيضة الثالثة ليست من العدة.

وقد ثبت هذا عن عائشة وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس M، وهو مذهب المالكية والشافعية والظاهرية ورواية لأحمد.

القول الثاني: الأقراء الحيض، فالحيضة الثالثة تعتبر من القرء الثالث، وتنتهي عدتها بانتهاء الحيضة الثالثة لا بدخولها.

واستدلوا بالآتي:

  1. حديث عائشة J: «أُمِرَتْ بَرِيرَةُ J أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ»، فأحالها إلى الحيض.
  2. أن المعهود في لسان الشرع استعمال (القرء) بمعنى الحيض، فقد أمر النبي H المستحاضة أن تترك الصلاة مدة إقرائها، أي: مدة حيضتها الأصلية.
  3. أنه ثبت عن النبي H أن عدة المختلعة حيضة، وأجمعوا على استبراء الأمة بحيضة، وكل هذا يدل على أن العدة تحسب بالحيض، فتكون عدة الحرة المطلقة ثلاثة قروء، أي: ثلاث حيض.
  4. أن القول بأن القرء هو الطهر؛ يلزم منه أن تكون العدة قرئين وبعض القرء، لأنهم يجعلون الطهر الأول هو القرء الأول، والله نص على ثلاثة قروء، أي: أنها كاملة.

وحديث ابن عمر L يرد عليه: أن الطلاق يكون في الطهر، وأما العدة فتكون بعده وبعد الطهر الحيض، وأيضًا ليس الكلام في العدة، إنما الكلام في أمر آخر، وهو دخول الطهر في مسمى القرء، فعليه: معنى العدة: الطهر، ومعنى القرء: الحيض.

وهو ثابت عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي موسى M، وهو مذهب الحنفية، والمشهور عند الحنابلة، ورجحه ابن تيمية وابن القيم.

وكلا المعنيين يصح أن يراد به القرء، ولكن حمله على معنى الحيض أرجح، فهو قول أكابر الصحابة.

المسألة الثانية: عدة الآيسة من الحيض والصغيرة التي لم تحض([2]):

لا خلاف بين العلماء أن عدتهما ثلاثة أشهر، لقوله D: ﴿ وَٱلَّٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّٰٓـِٔي لَمۡ يَحِضۡنَ [الطلاق: 4]، وتحسب الأشهر بالأهلة، قال E: ﴿ يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِيَ مَوَٰقِيتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّ [البقرة: 189].

والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنها إذا طلقت في أثناء الشهر تعتد بقيته، ثم تعتد شهرين بالأهلة، ثم تعتد من الشهر الثالث تكملة للشهر الأول إلى ثلاثين يومًا، لأن العدة تحسب بالأهلة، فيحسب بها ما أمكن، وبعض الشهر يحسب بالعدد، ويقضى ما فات منه إتمامًا للثلاثين.

وتحسب هذه الأشهر من أول ساعة طلقت فيها المرأة، من ليل أو نهار، دون زيادة أو نقصان، امتثالًا لقوله D: ﴿ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ [الطلاق: 4]. وهذا مذهب الجمهور وهو الراجح.

المسألة الثالثة: عدة الحرة المطلقة غير المدخول عليها([3]):

أجمع العلماء على أنها لا عدة لها، فلها الزواج بعد الطلاق مباشرة بغير مطلقها، قال D: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَكَحۡتُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ ثُمَّ طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمۡ عَلَيۡهِنَّ مِنۡ عِدَّةٖ تَعۡتَدُّونَهَا [الأحزاب: ٤٩].

المسألة الرابعة: الحائض ترتفع حيضتها لعارض([4]):

العارض على قسمين:

الأول: إذا كان العارض غير معروف، ففيه قولان:

القول الأول: تستمر عدتها حتى تحيض أو تبلغ سن اليأس، فتعتد حينئذ بثلاثة أشهر، لأنها ليست آيسًا وترجو عودة الدم.

وهذا مذهب الحنفية والظاهرية، والأصح عند الشافعية.

القول الثاني: تعتد سنة كاملة، وتنقضي العدة تسعة أشهر للحمل وثلاثة أشهر بعد ذلك عدة الآيسات، وهذا الذي كان يفتي به عمر I، ولأن المقصود من العدة براءة الرحم يقينًا أو غالب ظن، وهذه المدة كافية في العلم ببراءة الرحم، ولما في القول الأول من عسر وحرج وضرر عظيم تأباه الشريعة، فإن المرأة قد تمكث عشرين أو ثلاثين سنة حتى يحصل الإياس.

وإذا جاءها الحيض في أثناء السنة من نفسه أو بتداوي اعتبرت بالحيض وأكملت ثلاثة قروء.

وهذا مذهب المالكية، والصحيح عند الحنابلة، وقول للشافعية، واختاره ابن تيمية وابن القيم وعلماء اللجنة الدائمة([5])، وهو الأرجح.

الثاني: إذا كان العارض معروفًا، كالرضاع أو النفاس أو المرض.

عامة العلماء على أن عدتها تمتد حتى يزول العارض، ويعود الدم فتعتد بالقروء، وثبت هذا عن عثمان وعلي L، ولأنها لم تبلغ سن الإياس، وترجو عودة الدم، وتعرف العارض، فتنتظر زواله.

 

([1]) الاستذكار (18/30)، المغني (11/199)، شرح مسلم (10/56)، بداية المجتهد (2/89)، المحلى مسألة (1989)، مجموع الفتاوى (20/479)، (33/11)، زاد المعاد (5/600)، تفسير الطبري والقرطبي وابن كثير والشنقيطي سورة البقرة آية (228).

([2]) المغني (11/207)، المحلى مسألة (1993، 1994).

([3]) تفسير ابن كثير (3/506)، بداية المجتهد (2/89)، المغني (11/194).

([4]) تفسير القرطبي (8/108)، بداية المجتهد (2/91)، المغني (11/214)، المحلى مسألة (1997)، مجموع الفتاوى (34/21)، زاد المعاد (5/658)، فتح الباري (10/589).

([5]) فتاواها (20/429).

6 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة