الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ طَارِقِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ, فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ  قَائِمٌ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا, وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ, وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ

عَنْ طَارِقِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ, فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ  قَائِمٌ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا, وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ, وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ
5

وَعَنْ طَارِقِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ: قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ, فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ  قَائِمٌ يَخْطُبُ وَيَقُولُ: «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا, وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ, وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ, ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ». رَوَاهُ النَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

تخريج الحديث:

حديث طارق المحاربي I: رواه النسائي (5/61)، وابن حبان (3341)، والدارقطني (3/44)، وإسناده حسن.

فقه الحديث:

مسألة: النفقة على الأقارب إذا كانوا فقراء والمنفق غنيًا([1]):

هذه المسألة فيها مذاهب:

الأول: لا تجب النفقة إلا على الأم والأب الأقربين، فلا يدخل فيه الجد والجدة، وعلى الولد الأقرب، والأدلة التي فيها الأمر بالنفقة على الأقارب تحمل على الاستحباب.

وهذا مذهب مالك، وهو أضيق المذاهب في النفقات.

الثاني: تجب النفقة على عمودي النسب خاصة، وهم الأصول والفروع من الأقارب، وإن بعدوا، كأبي الأب وأبي الأم، وابن الابن وابن البنت، ولا يلحق بهم سائر الأقارب، كالأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة في النفقة الواجبة.

وهذا مذهب الشافعي، ورواية لأحمد.

الثالث: تجب النفقة على ذي الرحم المحرم، فيشمل الآباء والأبناء والأجداد والجدات والأعمام والعمات والأخوال والخالات والإخوان والأخوات، للأدلة التي تأمر بصلة الرحم وتنهى عن قطيعتهم.

وغير الرحم المحرم لا تجب له النفقة، كابن العم وابنة العم.

وهذا مذهب الحنفية.

الرابع: تجب النفقة على كل وارث بفرض أو تعصيب أي: على القريب الذي يرث منه لو مات-، فوجوب الإنفاق مقيد بالإرث لا بالرحم، فقد ذكر الله D النفقة على الأب ثم قال: ﴿ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَٰلِكَ [البقرة: ٢٣٣]، أي: وعلى الوارث الذي يرث الصبي أن ينفق عليه إذا كان الأب ميتًا، ولأن بين المتوارثين قرابة تقتضي أن الوارث أحق بمال المورث من سائر الأقارب، فكانت النفقة على الوارث، والأدلة الأخرى التي تأمر بإعطاء القريب مطلقًا حقه يحمل على الصلة والإحسان والبر به.

فقد خصت الأدلة الرحمَ الوارثَ بالإرث، فكذلك في الإنفاق بالآية، وفرق بين الصلة الواجبة والنفقة الواجبة.

وهذا المذهب عند الحنابلة.

الخامس: أن النفقة واجبة للرحم مطلقًا، الوارث وغير الوارث والمحرم، وغير المحرم. وهذا أوسع المذاهب، وقد قال E: ﴿ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ [النساء: ٣٦]، فأمر بالإحسان للقريب، ومن الإساءة للقريب أن يكون فقيرًا يحتاج للطعام والكسوة، فلا يطعمه قريبه ولا يستره.

وقال D: ﴿ وَءَاتِ ذَا ٱلۡقُرۡبَىٰ حَقَّهُۥ [الإسراء: ٢٦]، ومن حقه - بلا شك- أن ينفق عليه لسد جوعه وستر عورته.

وقال سبحانه: ﴿ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ [الأنفال: ٧٥].

وفي السنة الأمر بالنفقة على كل قريب، فقد قال H: «يَدُ المُعْطِي العُلْيَا أي: المنفق-، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أي: ابدأ بالنفقة بمن تحت إعالتك-: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ أي: الأقرب فالأقرب-».

وقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَٰلِكَ [البقرة: ٢٣٣] تدل على وجوب النفقة على الوارث، وبقية الأدلة تدل على النفقة على الرحم الوارث وغير الوارث.

وهذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله.

السادس: تجب النفقة على الوارث وعلى الرحم المحرم؛ جمعًا بين الأدلة، ولا يدخل فيها الرحم غير المحرم؛ لأن جميع الناس أرحام، فكلهم أبوهم آدم وأمهم حواء، وهو مذهب ابن حزم.

والمذهب الخامس والسادس قوي، ولكن قوله E: ﴿ وَعَلَى ٱلۡوَارِثِ مِثۡلُ ذَٰلِكَ [البقرة: ٢٣٣] خصت النفقة الواجبة بالوارث، فهو الأرجح، وتجب لغير الوارث: الصلة والإحسان والبر بحسب المعتاد، وأما النفقة فعلى سبيل الاستحباب.

 

([1]) تفسير ابن كثير سورة البقرة آية (233)، شرح مسلم (16/83)، المحلى مسألة (1929)، المغني (11/375)، زاد المعاد (5/42)، الإنصاف (9/395).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة