وَعَنْ جَابِرٍ - يَرْفَعُهُ, فِي الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا - قَالَ: «لَا نَفَقَةَ لَهَا». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ, وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ, لَكِنْ قَالَ: الْمَحْفُوظُ وَقْفُهُ.
(1156) 08- وَثَبَتَ نَفْيُ النَّفَقَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديثين:
حديث جابر I: رواه البيهقي (7/431) عن حرب بن أبي العالية عن أبي الزبير عن جابر I، وحرب صدوق يهم، وقد خالفه ابن جريج، فرواه عن أبي الزبير عن جابر I موقوفًا عليه، قال البيهقي: «المحفوظ وقفه»، وهو كما قال.
وحديث فاطمة بنت قيس J: رواه مسلم، وقد سبق، ولفظه: «لَيْسَ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةٌ»، وفي رواية: «لَا نَفَقَةَ لَكِ، وَلَا سُكْنَى»، وفي رواية: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ»، وكلها في ]صحيح مسلم[.
فقه الحديثن:
المسألة الأولى: نفقة المطلقة([1]):
أجمع العلماء على وجوب النفقة على المطلقة الرجعية في أثناء عدتها، لأنها لا زالت زوجة، ترثه ويرثها.
وأجمعوا على وجوب النفقة على المطلقة البائن إذا كانت حاملًا، قال E: ﴿ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: ٦].
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن المطلقة البائن الحائل -غير الحامل- لا نفقة لها، فقوله D: ﴿ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 6] يفهم منه: أن غير الحامل لا نفقة لها، وسياق الآية في غير الرجعية، لأن نفقة الرجعية واجبة بالإجماع ولو لم تكن حاملًا، وأيضًا قضى النبي H في فاطمة بنت قيس J وقد طلقها زوجها الثالثة أنه لا نفقة لها، وفي رواية لمسلم أن زوجها قال لها: «وَاللَّهِ مَا لَكِ نَفَقَةٌ، إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا»، ولم ينكر رسول الله H عليه ذلك.
المسألة الثانية: نفقة المرأة المتوفى عنها زوجها([2]):
أجمع العلماء على أنها لا نفقة لها إذا لم تكن حاملًا.
واختلفوا في الحامل:
فذهب جماعة من السلف، وهو قول في مذهب أحمد والشافعي: إلى وجوب النفقة عليها من تركة زوجها، لعموم قوله D: ﴿ وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّ ﴾ [الطلاق: ٦].
وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا نفقة لها؛ لأن التركة مال الورثة ولم يعد ملكًا للزوج، ولأنهم أجمعوا على أن نفقة كل من كان يجب على الرجل نفقته وهو حي كالأولاد والوالدين والزوجة تسقط عنه بموته، فكذلك هنا، والآية السابقة في المطلقة.
وهذا هو الأرجح، فتنفق على نفسها مما ترثه.
([1]) المغني (11/300، 402)، شرح مسلم (10/80)، مجموع الفتاوى (34/73)، زاد المعاد (5/522)، فتح الباري (10/602).
([2]) تفسير القرطبي (3/123)، المغني (11/405)، مجموع الفتاوى (31/323)، روضة الطالبين (6/462).