وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ: أَنْ يَأْخُذُوهُمْ بِأَنَّ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا, فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حَبَسُوا. أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ. ثُمَّ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِ حَسَنٌ.
تخريج الأثر:
أثر عمر I: رواه الشافعي في مسنده (1213)، وعبد الرزاق (7/93)، والبيهقي (7/469)، وإسناده صحيح.
فقه الأثر:
المسألة الأولى: من غاب عن زوجته ولم يترك لها نفقة([1]):
مذهب الشافعية: أن المرأة لا يجوز لها ان تفسخ النكاح ولو تضررت بترك النفقة إلا إذا كان معسرًا، فالفسخ للإعسار لا للغيبة مع ترك النفقة.
ومذهب المالكية والحنابلة: أن لها أن تفسخ ولو كان زوجها غنيًّا؛ لما في ترك النفقة عليها من الإضرار بها، وقد صح عن عمر I: «أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أُمَرَاءِ الأَجْنَادِ فِي رِجَالٍ غَابُوا عَنْ نِسَائِهِمْ: أَنْ يَأْخُذُوهُمْ –أي: يأمروهم بالخيار- بِأَنَّ يُنْفِقُوا أَوْ يُطَلِّقُوا»، ولم يفرق بين معسر وموسر.
وهذا هو الأرجح.
المسألة الثانية: من ترك الإنفاق على امرأته مدة من الزمن([2]):
لا يسقط حقها، ويكون دينًا في ذمة الزوج، سواءً ترك النفقة لعذر أو لغير عذر؛ لأنه حق وجب بالكتاب والسنة والإجماع، فلا يسقط بمضي الزمن، كالديون وأجرة العقار، ولأنه حق معاوضة وليس حق إحسان وصلة، لهذا يسقط حق القريب دون حق الزوجة، وقد كان عمر I يقول: «فَإِنْ طَلَّقُوا بَعَثُوا بِنَفَقَةِ مَا حَبَسُوا»، أي: ما مضى من الزمن مما احتبسوا من النفقة.
وهذا مذهب المالكية والشافعية، والأظهر عند الحنابلة، وهو الراجح.
ومذهب أبي حنيفة، وراية لأحمد: تسقط نفقتها السابقة، إلا إذا كان الحاكم قد فرضها لها.
([1]) منحة العلام (8/183).
([2]) المغني (11/367).