وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عِنْدِي دِينَارٌ? قَالَ: «أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ». قَالَ: عِنْدِي آخَرُ? قَالَ: «أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ». قَالَ: عِنْدِي آخَرُ? قَالَ: «أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ». قَالَ: عِنْدِي آخَرُ, قَالَ: «أَنْفِقُهُ عَلَى خَادِمِكَ». قَالَ عِنْدِي آخَرُ, قَالَ: «أَنْتَ أَعْلَمَ». أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ بِتَقْدِيمِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْوَلَدِ.
تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة I: رواه الشافعي (1211) وأبو داود (1688)، والنسائي (5/62)، والحاكم (1/415)، وإسناده حسن.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: متى تجب النفقة على العائل([1])؟
الذي عليه الأئمة الأربعة: أنها تجب عليه بشرطين:
الأول: أن يكون المنفَق عليه فقيرًا محتاجًا، وهو عاجز عن الكسب.
الثاني: أن يكون المنفِق متيسرًا وعنده ما يزيد على نفقة نفسه، إما من ماله أو من كسبه، وأما من ليس عنده ما يفضل عن نفقة نفسه؛ فليس عليه شيء.
وفي ]صحيح مسلم[ عن جابر I قال: قال رسول الله H: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ»، وفي لفظ: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول»، وفي حديث أبي هريرة I: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ H فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! عِنْدِي دِينَارٌ؟ قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ»، فقدمه على من يعول.
المسألة الثانية: من يقدم في النفقة الزوجة أم الولد أم الخادم:
تقدم الزوجة؛ لأن نفقتها لمقابل حق عليها تقدمه للزوج، ولأن لها الفسخ إذا لم ينفق عليها.
ثم الولد؛ لأنه منه، فإذا لم ينفق عليه فلمن يكله.
ثم الخادم؛ لأن الإنسان يحتاج إليه لنفسه، وقد أجمع العلماء على وجوب النفقة عليه، وإلا باعه ولا يضر به، و«جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ H فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! عِنْدِي دِينَارٌ؟ قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ -وفي رواية: «أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ»، وهذا هو الأولى-، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ؟ قَالَ: أَنْفِقْهُ عَلَى أَهْلِكَ -وفي رواية: «أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ»، وهذا هو الأولى-، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: أَنْفِقُهُ عَلَى خَادِمِكََ».
([1]) المغني (11/374)، زاد المعاد (5/547).