عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِوٍ أَنَّ اِمْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً, وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً, وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً, وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي, وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ H: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ, مَا لَمْ تَنْكِحِي». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
تخريج الحديث:
حديث عبد الله عمرو L: رواه أحمد (2/182)، وأبو داود (2273)، والحاكم (2/207)، وإسناده حسن.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: أحق الأبوين بالحضانة([1]):
لا خلاف بين العلماء أن الأحق بحضانته أمه إذا كانت أهلًا للحضانة ولم تتزوج؛ لأنها أعرف بالتربية وأقدر عليها وأرأف وأصبر وأفرغ لها، وهذا من محاسن الشريعة.
وأما إذا تزوجت؛ فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن حقها في الحضانة يسقط، فقد قال النبي H: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ، مَا لَمْ تَنْكِحِي»، أي: ما لم تتزوجي.
وقال ابن حزم V: «لا يسقط حقها ولو نكحت، لبقاء بعض الأولاد في عهد رسول الله H مع أمهاتهم وقد تزوجن»، ورد عليه بأن هذا عند وجود الرضى وعدم وجود المنازع.
المسألة الثانية: إذا تزوجت الأم ثم طلقت أو مات زوجها هل ترجع لها الحضانة([2])؟
المشهور عند المالكية: أنها لا ترجع لها الحضانة، لأن قوله H: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ، مَا لَمْ تَنْكِحِي» توقيت، ومعناه: حقك من الحضانة موقت إلى حين نكاحك، فلا تعود لها بعد انقضاء وقتها.
وقال جمهور العلماء: يرجع حقها من الحضانة؛ لأن قوله H: «مَا لَمْ تَنْكِحِي» تعليل لسبب انتقال الحضانة وليس توقيتًا، فإذا زالت هذه العلة رجع حقها، ولأن المقتضي لتقديمها في الحضانة هو قرابتها الخاصة من الولد، وانتقلت عنها لانشغالها بحق أكبر وهو زوجها الجديد.
وهذا هو الأرجح.
([1]) المغني (11/413، 420)، روضة الطالبين (6/504)، المحلى مسألة (2010)، زاد المعاد (5/434، 454).
([2]) المغني (11/427)، زاد المعاد (5/452).