الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ اِبْنِ عُمَرَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ, فَلَيْسَ مِنَّا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عَنْ اِبْنِ عُمَرَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ, فَلَيْسَ مِنَّا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
5

عَنْ اِبْنِ عُمَرَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ, فَلَيْسَ مِنَّا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

تخريج الحديث:

حديث ابن عمر L: رواه البخاري (6874)، ومسلم (98).




فقه الحديث:

المسألة الأولى: استحلال دماء المسلمين([1]):

أجمع العلماء على أن من استحل قتل المسلم بغير حق ولا تأويل ولا شبهة أنه يكفر، فحرمة سفك دم المسلم بغير حق من المعلوم في الدين بالضرورة، ومما تواترت به الأدلة، وقطعت الشريعة بتحريمه.

وأما إذا قتله بغير حق، ولم يستحل قتله؛ فعامة العلماء على أن القاتل لا يكفر، وإن كان قد باء بإثم عظيم، فقد قال D: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ [النساء: ٤٨]، فهو تحت المشيئة، وقال H: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ، فَلَيْسَ مِنَّا»، أي: ليس على هدينا وطريقتنا فيما فعله.

المسألة الثانية: حد المحاربة([2]):

هي إشهار السلاح على المسلمين، وإخافة السبيل، وقطع الطريق.

والفرق بين البغاة والمحاربين: أن المحارب يخرج فسقًا وعصيانًا على غير تأويل، والباغي يخرج ويحارب على تأويل عنده.

وتكون المحاربة في الأمصار والبنيان كما تكون في الصحراء، عند جمهور أهل العلم، وهو الصحيح، إذا حُمل السلاح على المسلمين، وحصل الإفساد في الأرض، وأُخيف الناس.

وحد المحارب ذكره الله E في قوله: ﴿ إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ [المائدة: ٣٣]، فعامة العلماء على أن هذه الآية في حد المحاربين من أهل الإسلام، وإن كانت نزلت في المرتدين أو اليهود، وإنما اختلفوا في كيفية تنزيل هذه العقوبات على المحاربين:

فأكثر العلماء على أن العقوبات المذكورة في الآية للتنويع بحسب الجرم والذنب، فمن قتل وأخذ المال قتل وصلب، ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ولم يصلب، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، وإذا أخاف السبيل ولم يقتل ولم يأخذ المال نفي من الأرض، فقد جاء أن النبي H سأل جبريل S عن القضاء فيمن يحارب؛ فذكر هذا التفصيل، رواه ابن جرير في تفسيره (10/267) من حديث أنس بن مالك I وإسناده ضعيف، وجاء عن ابن عباس L عند ابن جرير في تفسيره (10/257)، والبيهقي (8/283) بأسانيد شديدة الضعف.

ولأن العقوبات تختلف باختلاف الذنب والجرم، فلا يحل قتل من لم يقتل، فدم المسلم معصوم.

وذهب جماعة من السلف والمالكية والظاهرية إلى أن العقوبات المذكورة في الآية على التخيير، فالإمام مخير فيهم بحسب المصلحة والحاجة، وهذا ظاهر الآية، فهذا حكم المحاربة، وحديث أنس I ضعيف، وكذلك أثر ابن عباس L، وقد جاء عنه خلافه.

وهذا هو الأرجح، والله أعلم.

مع ملاحظة أن من كان من المحاربين قد قتل؛ فإن الإمام يقتله حدًّا، ولا يجوز العفو عنه بحال، بإجماع العلماء.

واختلفوا في كيفية الصلب؛ فعند جمهور العلماء: أنه يقتل، ثم يصلب في مكان مناسب، ويترك مدة حتى يشتهر أمره، لأن الله D قدم القتل على الصلب.

وقالت الحنفية والمالكية: يصلب حيًّا، ثم يقتل بعد ذلك وهو مصلوب، لأن الصلب عقوبة، والعقاب على الحي لا على الميت.

وقال جماعة من الظاهرية منهم ابن حزم V: يصلب حيًّا، ويترك حتى يموت جوعًا؛ لأن الصلب عقوبة مستقلة، فقد فرق الله E بين القتل والصلب، فقال: ﴿ أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ ، فلا يجتمع في حقه عقوبتان.

واختلفوا في معنى النفي؛ فمذهب المالكية، والمشهور عند الحنفية، وقول بعض الشافعية، ورواية لأحمد: أنه الحبس؛ لأنه إذا أخرج إلى بلدة أخرى وترك لم يحبس ربما عاد لما كان عليه.

والمشهور عند الحنابلة: أن النفي هو التشريد في الأرض، فلا يتركون يأوون إلى بلدة حتى يتوبوا.

والمشهور عند الشافعية: النفي: الحبس أو التغريب.

وقول بعض المالكية: إن النفي هو إخراجهم من بلدهم إلى بلد أخرى، وكفى بمفارقتهم للوطن والعشيرة إذلالًا وخذلانًا، كما في حق الزاني البكر.

وهذا القول أظهر.

 

([1]) المغني (11/443)، فتح الباري (9/442)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5616).

([2]) تفسير ابن جرير (10/243)، تفسير القرطبي (6/99)، المحلى مسألة (2252، 2261)، بداية المجتهد (2/454)، المغني (12/474)، شرح مسلم (11/127)، الاستذكار (24/204)، مجموع الفتاوى (28/310)، الإنصاف (10/291)، أضواء البيان (2/86)، مغني المحتاج (4/226).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة