الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولُ اللَّهِ  وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ, فَأَعْرَضَ عَنْهُ, فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ,

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولُ اللَّهِ  وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ, فَأَعْرَضَ عَنْهُ, فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ,
4

- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رَسُولُ اللَّهِ  وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ فَنَادَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ, فَأَعْرَضَ عَنْهُ, فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ, فَأَعْرَضَ عَنْهُ, حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ, فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ. دَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ  فَقَالَ «أَبِكَ جُنُونٌ?» قَالَ. لَا. قَالَ: «فَهَلْ أَحْصَنْتَ?». قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1220) 05- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ L قَالَ: لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ H قَالَ لَهُ: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ, أَوْ غَمَزْتَ, أَوْ نَظَرْتَ?» قَالَ: لَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

تخريج الحديثين:

حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (5271)، ومسلم (1691).

حديث ابن عباس L: رواه البخاري (6824).

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: الإقرار بالوقوع في الزنى([1]):

أجمع العلماء على أن من أقر على نفسه بالزنى وهو بالغ عاقل مختار أي: غير مكره- أن عليه حد الزنى، فإن كان محصنًا فحده الرجم، وإن كان غير محصن فحده الجلد والتغريب، كمن شهد عليه بالزنى أربعة رجال.

واختلفوا في اشتراط تكرار الاعتراف من قبل المقِّر على نفسه:

فمذهب الحنفية، والمذهب عند الحنابلة: أنه يشترط أن يقر على نفسه أربع مرات حتى يقام عليه الحد، فلم يقم النبي H الحد على ماعز حتى شهد على نفسه أربع مرات، فقد قال ماعز I: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، حَتَّى ثَنَّى ذَلِكَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ
رَسُولُ اللَّهِ
H فَقَالَ: أَبِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ»، وأيضًا قياسًا على اشتراط أربعة شهود على من لم يقر على نفسه.

ومذهب جمهور العلماء: أنه يكفي أن يعترف على نفسه بالزنى ولو مرة واحدة، فقد اكتفى النبي H بإقامة الحد على بعض الزناة بإقراره على نفسه مرة واحدة، فقال: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا»، ولم يشترط لإقامة الحد عليها أن تعترف أربع مرات، فإن اعترفت مرة واحدة فيصدق عليها أنها أقرت على نفسها.

وكذلك في قصة الجهنية والغامدية L أقام عليهما الحد، وظاهرها أنهما اعترفتا مرة واحدة.

وأما ما جاء عن ماعز I؛ فيحمل على الآتي:

  1. أنه منسوخ، فهو متقدم على قصة الغامدية J، فقد قالت: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي وَإِنَّهُ رَدَّهَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَتْ: يَا
    رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ تَرُدُّنِي لَعَلَّكَ أَنْ تَرُدَّنِي كَمَا رَدَدْتَ مَاعِزًا»
    .
  2. أن ماعزًا I كررها من نفسه لأجل إعراض رسول الله H عنه، ولم يأمره بإعادة ذلك.
  3. أن هذا التكرار لأنه شك في إقراره، فأراد أن يتثبت، فيحمل على أنه في حق من حصل في أمره لبس.
  4. أن هذا التكرار من باب الكمال والأفضل.

وهذا القول هو الأرجح، والله أعلم.

المسألة الثانية: التثبت من حال المقر وتلقينه الرجوع عن إقراره([2]):

قال الفقهاء: يلزم على الحاكم التثبت من صحة المقر العقلية، ومعرفته لما يقول، وماذا يقصد بكلامه، وهل هو محصن أم غير محصن، فقد قال النبي H لماعز I عندما اعترف بالزنى: «أَبِكَ جُنُونٌ؟»، وقال للحاضرين: «أَشَرِبَ خَمْرًا؟»، «فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ»، فقال له: «فَهَلْ أَحْصَنْتَ؟»، أي: تزوجت، وقال له أيضًا: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ أي: وضعت يدك على المرأة-، أَوْ نَظَرْتَ؟»، فقال: «لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ».

ويستحب تلقينه الرجوع عن إقراره، فقد أعرض النبي H عن ماعز I عندما قال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ -لعله أن يرجع عن إقراره-، فَتَنَحَّى تِلْقَاءَ وَجْهِهِ أي: فتحول مستقبلًا للنبي H، وفي رواية في ]الصحيح[ أن النبي H قال له: «وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ».

المسألة الثالثة: الرجوع عن إقراره عند الشروع في إقامة الحد([3]):

اختلف العلماء في هذه المسألة:

القول الأول: لا يقبل رجوعه عن إقراره؛ لأنه قد اعترف وابتدأ الحد عليه، وقد هرب ماعز I عندما شعر بألم الحجارة، فلحقه الصحابة ورجموه حتى مات، ولم يحكم عليهم رسول الله H بالذنب، ولم يلزمهم الدية.

وهذا مذهب الظاهرية، ورواية لمالك.

القول الثاني: يقبل رجوعه، فقد جاء عن جماعة من الصحابة أن رسول الله H عندما علم بهروب ماعز I وإدراك الصحابة له قال: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ»، رواه أحمد (2/450)، (3/381، 431)، (5/216) وغيره، وهو صحيح لغيره، ولأن رجوعه شبهة، والحدود تدرأ بالشبهات -كما سيأتي-.

ولم يحكم عليهم النبي H بالذنب، ولم يلزمهم الدية؛ لأن ماعزًا I لم يصرح بالرجوع عن إقراره، وإنما رجع عن إقامة الحد وأراد التوبة، وقد ثبت إقراره بيقين، فلا يترك حتى يصرح بالرجوع.

وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الراجح.

 

([1]) شرح مسلم (11/161)، المحلى مسألة (2191)، بداية المجتهد (2/438)، المغني (12/354)، المفهم للقرطبي (5/90)، الإنصاف (10/188).

([2]) شرح مسلم (11/163)، المغني (12/389، 466)، الموسوعة الفقهية (17/134)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5799).

([3]) المغني (12/361)، شرح مسلم (11/162)، بداية المجتهد (2/439)، المفهم للقرطبي (5/93)، شرح البخاري لابن بطال (8/434)، أضواء البيان (6/60، 68).

4 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة