الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ  أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ, فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ, وَمَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ,

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ  أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ, فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ, وَمَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ,
5

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ  أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ, فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ, وَمَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ, فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا الْبَهِيمَةَ». رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ, وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ, إِلَّا أَنَّ فِيهِ اِخْتِلَافًا.

تخريج الحديث:

حديث ابن عباس L: رواه أحمد (1/269)، وأبو داود (4464)، والنسائي في الكبرى (6/486)، والترمذي (1455)، وابن ماجه (2561)، وإسناده ضعيف فهو عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة وروايته عنه فيها ضعف، وقد استنكر هذا الحديث بعض الأئمة كابن معين والنسائي، وأشار البخاري إلى إعلاله([1]).

وللحديث طرق أخرى، وبعض الشواهد شديدة الضعف.

وقول المؤلف: «إِلَّا أَنَّ فِيهِ اِخْتِلَافًا» منه ما رواه أبو داود (4465)، والترمذي (1455) عن ابن عباس L أنه قال: «مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ» وسنده حسن، وبه أعل بعض الأئمة المرفوع، فقوله على خلاف ما رواه.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: حد اللواط([2]):

اختلف العلماء في حده:

القول الأول: مذهب أبي حنيفة والظاهرية: لا حد على الفاعل والمفعول، وإنما هو التعزير، فيسجنه الإمام ويكفي الناسَ شره؛ لعدم ثبوت دليل في وجوب الحد عليهما، وليس حده حد الزنى، لأنه لا يترتب عليه اختلاف أنساب.

القول الثاني: أن حكمه حكم الزنى، فمن كان محصنًا رجم، ومن لم يكن كذلك جلد، سواء الفاعل أو المفعول؛ لأنه إيلاج محرم في فرج محرم، ولأن الزنى واللواط يسميان فاحشة، فقد قال D في الزنى: ﴿ وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا ٣٢ [الإسراء: ٣٢]، وقال سبحانه: ﴿ وَٱلَّٰتِي يَأۡتِينَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمۡ [النساء: ١٥]، وقال في اللواط: ﴿ وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ [النمل: ٥٤].

وهو مذهب جماعة من السلف، والأظهر عند الشافعية، وجماعة من الحنفية، والمذهب عند الحنابلة.

القول الثالث: يقتل مطلقًا، ففي حديث ابن عباس L قال: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بِهِ»، وجاء هذا القضاء عن أبي بكر وعثمان وعلي M وغيرهم من الصحابة، ونقل جماعة من العلماء منهم -ابن تيمية وابن القيم u- اتفاق الصحابة عليه، ولأن الله رمى قوم لوط S بالحجارة، فلا حد لهذا الفعل إلا القتل.

وهذا مذهب جماعة من السلف والمالكية، والأظهر عن الإمام أحمد، وقول للشافعي، وهو الراجح.

وقد اختلف الصحابة في كيفية قتله؛ فقيل: يرجم بالحجارة، وقيل: يقتل بالسيف، وقيل: يرمى من شاهق ويتبع بالحجارة.

المسألة الثانية: حد المساحقة([3]):

هو إتيان المرأةِ المرأةَ:

اتفق أهل العلم على تحريم المساحقة؛ لأن المرأة يجب عليها حفظ فرجها إلا من زوجها، كما يجب عليه حفظ فرجه إلا من امرأته أو ما ملكت يمينه، قال D: ﴿ وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ ٢٩ إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ ٣٠ [المؤمنون: ٥ - ٦].

ولما فيه من إظهار العورة ولمسها من قبل من لا يحل له ذلك، وقد روى البيهقي (8/233) عن أبي موسى I أن النبي H قال: «وَإِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ»، وإسناده ضعيف.

وروى ابن حزم في المحلى (11/39) عن واثلة بن الأسقع I قال
رسول الله H: «السِّحَاقُ زِنًى بِالنِّسَاءِ بَيْنَهُنَّ»، وإسناده ضعيف.

ولما فيه من المفاسد على المرأة، كما ذكره أهل التحقيق.

واختلفوا في حد المساحقة؛

فقال بعض السلف: يقام على المرأتين أدنى الحدين في الزنى، وهو الجلد مائة، وفي حديث أبي موسى وواثلة L أن النبي H سماه زنى.

وذهب جمهور العلماء إلى أنه لا حد على الفاعلة والمفعول بها، وإنما عليهما التعزي؛ لأنه ليس فيه إيلاج في الحقيقة، ولعدم وجود دليل صحيح على إقامة الحد عليهما.

وهذا هو الراجح.

المسألة الثالثة: حد من وطئ بهيمة([4]):

اختلف العلماء في حده:

القول الأول: حده حد الزنى، فقد وطء بذكره في فرج محرم، وهو قول للمالكية وللشافعية

القول الثاني: يقتل مطلقًا، المحصن وغير المحصن، فعن ابن عباس L أن النبي H قال: «وَمَنْ وَجَدْتُمُوهُ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ، فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا البَهِيمَةَ»، وهو قول للشافعية ورواية لأحمد.

القول الثالث: لا حد عليه، إنما يعزر، وحديث ابن عباس L ضعيف، وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الراجح.

وأما البهيمة؛ فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه لا يجب قتلها، ولا يحرم أكلها إذا كانت مما يؤكل، لعدم ثبوت دليل على وجوب قتلها وتحريم أكلها.

والمذهب عند الحنابلة، وقول للشافعية: يجب قتلها، ففي حديث ابن عباس L: «فَاقْتُلُوهُ وَاقْتُلُوا البَهِيمَةَ»، ولأنها جيفة، وفي بقائها تذكير بالفاحشة.

المسألة الرابعة: حد من زنى بذات محرم([5]):

ذهب بعض السلف والإمام أحمد في رواية وبعض المحققين إلى أنه يقتل مطلقًا، سواء كان محصنًا أم غير محصن، وروى الإمام أحمد (1/300)، وابن ماجه (2564)، والبيهقي (8/237) عن ابن عباس L قال: قال رسول الله H: «مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ فَاقْتُلُوهُ»، إسناده ضعيف([6])، فلم يفرق بين محصن وغير محصن.

وروى الإمام أحمد (4/290، 295، 297)، وأبو داود (4457) وغيرهم عن البراء ابن عازب L قال: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ H إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ أَضْرِبَ عُنُقَهُ، أَوْ أَقْتُلَهُ وَآخُذَ مَالَهُ»، وإسناده صحيح، والاضطراب الذي فيه لا يقدح في صحته([7]). ولأنه فرج لا يحل له بأي حال.

ومذهب جمهور العلماء: أن حده حد الزنى، فيرجم إن كان محصنًا، ويجلد إن لم يكن محصنًا؛ لعموم الأدلة في حد الزاني، وهذا هو الأصل، وإن كان جرمه أكبر.

والأحاديث المذكورة؛ إما ضعيفة، وإما تحمل على من استحل الزواج بمحرمه، ففي حديث البراء I قال: «وَآخُذَ مَالَهُ»، وهذا يدل على أنه ارتد.

وهذا هو الأرجح.

 

([1]) تهذيب التهذيب، ترجمة عمرو بن أبي عمر في العلل الكبرى (2/316)، تلخيص الحبير (4/61)، المغني (12/352).

([2]) المحلى مسألة (2299)، المغني (12/348)، روضة الطالبين (7/309)، مجموع الفتاوى (34/182)، السياسة الشرعية لابن تيمية (ص/304)، الإنصاف (10/176)، حاشية الدسوقي (6/313)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5393).

([3]) المحلى مسألة (2303)، روضة الطالبين (7/310)، المغني (12/350)، حاشية الدسوقي (6/306).

([4]) المغني (12/352)، معالم السنن (3/333)، الإنصاف (10/178)، الفقه الإسلامي وأدلته (7/5360، 5394)، منحة العلام (8/424).

([5]) المحلى مسألة (2220)، المغني (12/341)، معالم السنن (3/283)، فتح الباري (14/77)، الإنصاف (10/177)، نيل الأوطار (4/670)، الشرح الممتع (6/132).

([6]) ضعفه الألباني في الإرواء (2352).

([7]) صححه الألباني في الإرواء (2351).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة