الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
6

- عَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم. وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ: «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا».

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ: «اقْطَعُوا فِي رُبُعِ دِينَارٍ, وَلَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ».

(1241) 02- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ  أَنَّ النَّبِيَّ  قَطَعَ فِي مِجَنٍ، ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1242) 03- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
«لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ؛ يَسْرِقُ الْبَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الْحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْضًا.

تخريج الأحاديث:

حديث عائشة J: رواه البخاري (6789)، ومسلم (1674)، والرواية التي أخرجها أحمد (6/80) إسنادها صحيح.

حديث ابن عمر L: رواه البخاري (6795)، ومسلم (1686).

حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (6799)، ومسلم (1687).



فقه الأحاديث:

المسألة الأولى: قطع يد السارق([1]):

أجمع العلماء على قطع يد السارق، لقوله D: ﴿ وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا [المائدة: ٣٨]، وقوله H: «تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»، و«أَنَّ النَّبِيَّ H قَطَعَ فِي مِجَنٍ، ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ».

وعامة العلماء على أن يده تقطع من مفصل الكوع -الكف-، لأن اسم اليد يطلق على الكف، ويطلق على الذراع، ويطلق على الباع، فوجب الأخذ بالمتيقن وهو الكف، ولأن هذا الذي جاء عن الصحابة M.

وعامة العلماء على أن اليد التي تقطع من السارق هي اليد اليمنى، ففي قراءة ابن مسعود I: »والسارق والسارقة فاقطعوا أيمانهما«، وهي قراءة شاذة، فلا يقرأ بها، لكن يؤخذ الحكم منها، فتكون مفسرة للقراءة المتواترة: ﴿ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا .

المسألة الثانية: ضابط قطع يد السارق([2]):

مذهب الظاهرية: لا حد لما تقطع به يد السارق.

إلا في الذهب، فلا تقطع إلا في ربع دينار، ولا تقطع فيما دون ذلك، فقد قال H: «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ؛ يَسْرِقُ البَيْضَةَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ، فَتُقْطَعُ يَدُهُ»، فنص على قطع اليد في البيضة والحبل، وهي قليلة الثمن.

ويستثنى الذهب لقوله H: «تُقْطَعُ اليَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»، والدينار من الذهب.

ومذهب جمهور العلماء: أن يد السارق لا تقطع إلا في مقدار محدد، ولا تقطع فيما دونه، فقد قال النبي H: «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»، وقال: «اِقْطَعُوا فِي رُبُعِ دِينَارٍ، وَلَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ»، و«أَنَّ النَّبِيَّ H قَطَعَ فِي مِجَنٍ، ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ».

وأجابوا عن حديث أبي هريرة I بالآتي:

  1. معناه أن السارق تقطع يده بالبيضة أو الحبل، إذا كان ثمن كل واحد منهما يصل إلى الحد الشرعي الذي تقطع به يد السارق.
  2. أن المراد به: التنبيه على عظم ما خسره السارق مقابل حقير من المال.
  3. أن معناه: أن السارق يسرق البيضة، فلا تقطع يده، ثم يتهاون بالسرقة فيسرق أعظم منها؛ فتقطع يده.
  4. المراد بـ«البيضة»: بيضة الحرب. وبـ«الحبل»: حبل السفينة، فلابد من تأويل حديث أبي هريرة I، حتى لا يخالف ما ثبت عن النبي H، أن يد السارق لا تقطع إلا بنصاب محدد، لا تقطع فيما دونه، وهو الراجح.

واختلفوا في كم تقطع اليد:

فمذهب الحنفية: أنها تقطع في عشرة دراهم أو قيمتها؛ لما رواه أحمد (2/204) وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله H قال: «لا يُقْطَعُ السَّارِقُ إِلا فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ»، وإسناده ضعيف، وهذا أعلى مقدار فيؤخذ به، وما دونه من المقادير هي أقل منه، فهي محتملة.

والعشرة الدراهم من الفضة تساوي تقريبًا دينارًا من الذهب.

ومذهب المالكية ورواية لأحمد: أن يد السارق تقطع في الفضة في ثلاثة دراهم، وفي الذهب في ربع دينار، وما عدا الذهب والفضة فما يعادل قيمة الثلاثة الدراهم، فعن ابن عمر L: «أَنَّ النَّبِيَّ H قَطَعَ فِي مِجَنٍ -وهو الترس يحتمي به المقاتل-، ثَمَنُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ»، والثلاثة الدراهم تساوي تسعة جرامات من الفضة تقريبًا.

والمشهور عند الحنابلة: أن المسروق إذا كان ذهبًا فتقطع اليد بربع دينار، لقوله H: «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»، والدينار يساوي أربع جرامات ذهب تقريبًا، فربع الدينار يساوي جرامًا واحدًا من الذهب تقريبًا.

وإذا كان المسروق فضة؛ فتقطع اليد في ثلاثة دراهم؛ لحديث ابن عمر L.

وإذا كان المسروق من غيرهما؛ فيقدر بقيمة أحدهما، جمعًا بين الأحاديث.

ومذهب الشافعية: أن يد السارق تقطع في ربع دينار أو ما يعادلها من فضة أو غيرها، لقول H: «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا»، وهذا نص صريح في أن القطع يكون في ربع دينار؛ فيؤخذ به، وأصرح منه قوله H: «اِقْطَعُوا فِي رُبُعِ دِينَارٍ، وَلَا تَقْطَعُوا فِيمَا هُوَ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ»، أي: في أقل من ربع دينار أو قيمته.

وقطع النبي H يد السارق في مجن ثمنه ثلاثة دراهم؛ لأنها كانت تعادل ربع دينار تقريبًا في ذلك الزمن، فالدينار يساوي عشرة دراهم تقريبًا أو اثني عشر درهمًا.

وهذا القول أحسن الأقوال.

المسألة الثالثة: الجماعة يسرقون ما تقطع به اليد([3]):

اختلف العلماء في هذه المسألة:

فمذهب المالكية، والمذهب عند الحنابلة: تقطع أيديهم جميعًا؛ لأن سرقة ما حدد الشرع أن فيه القطع؛ فعل يوجب القطع، فاستوى فيه الواحد والجماعة، كالقصاص يقتلون به - كما سبق -.

ومذهب الحنفية والشافعية، ورواية لأحمد: لا تقطع أيديهم للشبهة؛ لأنه لا نص فيه، ولم يجمع عليه العلماء، فالاحتياط بإسقاطه أولى، إلا أن تبلغ حصة كل واحد منهم نصاب سرقة تقطع به اليد.

ولعل القول الأول هو الأرجح، زجرًا للسارق، وقطعًا لباب الحيلة، وسدًّا للذريعة.

 

([1]) المغني (14/415، 440)، المفهم للقرطبي (5/75)، فتح الباري (14/53).

([2]) المغني (12/417)، شرح مسلم (11/152)، المفهم للقرطبي (5/72)، فتح الباري (14/32، 62)، الإنصاف (10/262)، تفسير القرطبي (6/105).

([3]) المغني (12/468)، الإنصاف (10/267).

6 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة