الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟». ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ،

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟». ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ،
5

- وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟». ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ... ». الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

وَلَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: عَنْ عَائِشَةَ: كَانَتِ امْرَأَةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ، وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ بِقَطْعِ يَدِهَا.

تخريج الحديث:

حديث عائشة J، باللفظ الأول: رواه البخاري (6788) ومسلم (1688)، وباللفظ الثاني: رواه مسلم (1688).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: قطع يد جاحد المتاع([1]):

هو من استعار متاعًا من صاحبه ثم أنكره.

المذهب عند الحنابلة: أن الجاحد للعارية تقطع يده إذا ساوت نصاب السرقة الذي تقطع فيه اليد، فعن عائشة J قالت: «كَانَتِ امْرَأَةٌ تَسْتَعِيرُ المَتَاعَ، وَتَجْحَدُهُ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ H بِقَطْعِ يَدِهَا».

وما جاء في بعض طرق هذا الحديث أنها كانت تسرق؛ فيجمع بين الروايتين بأن الذين قالوا: «سرقت» أطلقوا على الجحد أنه سرقة، فيكون الجحد داخلًا في اسم السرقة، أو أنهما قصتان متغايرتان، فإحداهما في السرقة، والأخرى في جحد المتاع.

ورجح هذا القول ابن حزم، وابن القيم رحمهما الله.

ومذهب جمهور العلماء: أنه لا تقطع يد الجاحد للمتاع، لأنه يعتبر خائنًا لا سارقًا، وإنما تقطع يد السارق، وقد أجمعوا على أن الخائن للأمانات لا تقطع يده - كما سيأتي -؛ فكذلك الخائن الجاحد للعارية.

وأجابوا عن حديث عائشة J في المرأة التي كانت تستعير المتاع وتجحده، فقطع النبي H يدها: أن هذه الرواية انفرد بها الإمام مسلم، وأما الرواية المتفق عليها أنها كانت تسرق، وهذه رواية الأكثر وهي الأشهر، فترجَّح عليها.

أو يحمل على أن هذه المرأة كانت تجحد المتاع وتسرق أيضًا، فقطع النبي H يدها لأجل السرقة، لا لأجل الجحد، ومما يدل على رجحان أن القطع ليدها لأجل السرقة: ما جاء في آخر الحديث أن النبي H قال: «إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ»، وفي وراية في ]الصحيحين[ قال: «لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»، وأما القول بأن الجحد هو بمعنى السرقة؛ فهو مردود لوجود الفارق بينهما، فالسرقة أخذ المال خفية، والجاحد للمتاع لم يأخذه خفية.

والقول بأنهما قصتان بعيد؛ ففي كليهما أن أسامة ين زيد L استشفع في هذه المرأة، وأن رسول الله H زجره، فيستبعد أن يقع مثل هذا لأسامة I مرتين، وأن لا يكتفي بالنهي في أول مرة حتى يعود إليه ثانية.

وهذا القول هو الأرجح.

وسيأتي فيما بعد الكلام على الشفاعة في الحدود.

 

([1]) المغني (12/416)، شرح مسلم (11/156)، شرح السنة للبغوي (10/323)، فتح الباري (14/41)، الإنصاف (10/253).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة