الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ؟ فَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً،

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ؟ فَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً،
5

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ؟ فَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ الْغَرَامَةُ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.


تخريج الحديث:

حديث عبد الله بن عمرو L: رواه أحمد (2/180)، وأبو داود (1708)، والنسائي (8/84)، والترمذي (1289) وابن ماجه (2596) وغيرهم، وإسناده حسن.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: اشتراط الحرز لقطع اليد([1]):

مذهب الظاهرية: أنه لا يشترط الحرز في القطع، فإذا بلغ المسروق النصاب المحدود للقطع قطعت يده، سواء كان المسروق محرزًا أم لا، فالأدلة جاءت عامة ولم تفرق بين محرز وغير محرز، وحديث عبد الله بن عمرو ورافع بن خديج M لا يثبتان.

ومذهب جمهور العلماء: أنه يشترط لقطع يد السارق أن يكون سرق من حرز، فإذا لم يكن من حرز؛ فلا قطع عليه، ففي حديث عبد الله بن عمرو L أن النبي H: «سُئِلَ عَنِ التَّمْرِ المُعَلَّقِ أي: المتدلي-؟ فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ الغَرَامَةُ وَالعُقُوبَةُ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الجَرِينُ أي: محل تجفيف الثمار والحبوب-، فَبَلَغَ ثَمَنَ المِجَنِّ فَعَلَيْهِ القَطْعُ»، وثمن المجن ثلاثة دراهم، وهي تساوي تقريبًا ربع دينار، فجعل حده القطع عندما أخذ التمر من حرزه، وهو الجرين.

وحديث رافع بن خديج I أن النبي H قال: «لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ»، وذلك لأن الثمر والكثر ليس محرزًا.

وهذان الحديثان مخصصان للآيات والأحاديث العامة.

وهذا هو الراجح؛ لثبوت الحديثين.

والحرز: هو المكان الذي يحفظ فيه الشيء عادة، وهو مختلف باختلاف الشيء المحرز، فما عد حرزًا في العرف فهو حرز، كالصناديق والخزائن، والبيوت والدكاكين المقفلة أو عليها حراس.

المسألة الثانية: عقوبة أخذ المال من غير حرز([2]):

عامة العلماء ما عدا الظاهرية: أنها لا تقطع يده، واختلفوا فيما عليه:

فمذهب الحنابلة: أنه ينكَّل به ويغرَّم مثل المسروق مرتين إذا سرق من الثمر الذي على النخل أو الشجر، أو من الماشية التي في المرعى، ففي حديث عبد الله ابن عمرو L أن النبي H قال: وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ الغَرَامَةُ وَالعُقُوبَةُ»، وفي رواية: «هُوَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَالنَّكَالُ»، وفي رواية: «فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ»، وجاء فيه أيضًا في الماشية تؤخذ من الجبل: «فِيهَا ثَمَنُهَا مَرَّتَيْنِ وَضَرْبُ نَكَالٍ»، والحديث ثابت، وحكمه باقٍ، ولا دليل على نسخه.

وهذا الغرم مرتين من باب التعزير المالي الذي نص عليه الشرع.

ومذهب جمهور العلماء: أنه يغرَّم المثل بلا زيادة، قال E: ﴿ وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُواْ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦ [النحل: ١٢٦]، وقال D: ﴿ فَمَنِ ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ فَٱعۡتَدُواْ عَلَيۡهِ بِمِثۡلِ مَا ٱعۡتَدَىٰ عَلَيۡكُمۡ [البقرة: ١٩٤].

وحديث عبد الله بن عمرو L إما ضعيف وإما منسوخ.

ومذهب الحنابلة هو الأرجح، واختاره ابن تيمية وابن عثيمين رحمهما الله([3]).

المسألة الثالثة: الأكل من ثمر شجر الغير([4]):

المشهور عند الحنابلة: أنه يحل له ذلك، ولو من غير حاجة، بشرط أن لا يحمل معه، فقد روى الإمام أحمد (3/8) وغيره عن أبي سعيد I قال: قال رسول الله H: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ حَائِطًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، فَلْيُنَادِ يَا صَاحِبَ الْحَائِطِ، ثَلَاثًا، فَإِنْ أَجَابَهُ، وَإِلَّا فَلْيَأْكُلْ»، وفي سنده ضعف.

وعن ابن عمر L أن رسول الله H قال: «مَنْ دَخَلَ حَائِطًا فَلْيَأْكُلْ، وَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً»، أي: لا يحمل معه في حضنه، رواه الترمذي (1287)، وابن ماجه (2301)، وإسناده ضعيف.

وروى البيهقي (9/359) عن عمر I قال: «مَنْ مَرَّ مِنْكُمْ بِحَائِطٍ فَلْيَأْكُلْ فِي بَطْنِهِ وَلا يَتَّخِذْ خُبْنَةً»، وإسناده حسن.

وللإمام أحمد رواية أنه يجوز له ذلك عند وجود الحاجة -كالجوع الشديد- وإن لم تصل إلى حد الضرورة، لحديث عبد الله بن عمرو L وفيه: «أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّمْرِ المُعَلَّقِ؟ فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً أي: لا يحمل معه بحضنه-، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أي: لا قطع ولا غرامة-».

ومذهب جمهور العلماء: أنه لا يجوز له أن يأخذ منه إلا بإذن مالكه، إلا عند الضرورة، كضرورة الأكل من الميتة؛ لعموم الأدلة التي نصت على حرمة مال المسلم، ولم تفرق بين قليل وكثير.

والأحاديث السابقة إما ضعيفة وإما تحمل على الضرورة.

والأرجح: جوازه عند الحاجة؛ لثبوت حديث عبد الله بن عمرو L، بشرط أن لا يحمل معه منه شيئًا.

 

([1]) المغني (12/426)، التمهيد لابن عبد البر (23/312)، تفسير القرطبي (6/106)، المفهم للقرطبي (5/77)، فتح الباري (14/62).

([2]) انظر المراجع السابقة، والإنصاف (10/276)، والأخبار العلمية للبعلي (ص/426).

([3]) الشرح الممتع (6/229)، الطبعة المصرية.

([4]) سنن البيهقي (9/359)، المجموع شرح المهذب (9/54)، المغني (13/333)، شرح السنة للبغوي (8/232)، فتح الباري (10/377)، (5/376)، الإنصاف (10/377).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة