وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ, فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَالْأَرْبَعَةُ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
تخريج الحديث:
حديث جابر I: رواه أحمد (3/343)، وأبو داود (3681)، والترمذي (1865)، وابن ماجه (3393) ولم يروه النسائي، وسنده حسن. ورواه ابن حبان (5382) بإسناد صحيح، وللحديث شواهد أخرى.
فقه الحديث:
مسألة: القليل الذي يسكر كثيره([1]):
مذهب الحنفية: أنه لا يحرم من المسكر قليله وكثيره إلا إذا كان من عصير العنب، لأنه يسمى خمرًا، والخمر يحرم كثيره وقليله، وأما غيره مما يسكر كالمتخذ من التمر والشعير والعسل وغيرها؛ فيحرم منه القدر الذي يسكر فقط، أما قليله فلا يحرم، فقد روى النسائي (8/323)، والطبراني في الكبير (10/411) عن ابن عباس L قال: «حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، وَالسُّكْرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ»، وإسناده صحيح، فجعل ما يحرم قليله وكثيره هو الخمر، وما عداه لا يحرم إلا ما أسكر منه.
ومذهب جمهور العلماء: أن كل ما يسكر فهو حرام، قليله وكثيره، فلا يصل إلى المسكر إلا بالمرور بما قبله من غير المسكر، وقد ثبت عن النبي H أنه قال: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ، فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»، وهو حديث مشهور، فجعل القليل مما يسكر كثيره محرمًا.
وقول النبي H: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ»، فالخمر يشمل كل مسكر، والخمر يحرم قليله وكثيره باتفاق العلماء.
وبالتالي من شرب قليلًا من العصير الذي يسكر كثيره فعليه الحد، لأنه يسمى خمرًا.
وما جاء عن ابن عباس L فهو موقوف عليه، وأيضًا معناه أن القليل والكثير من كل مسكر حرام، فمراد ابن عباس L أنه يحرم القليل والكثير من كل خمر ومسكر.
([1]) شرح مسلم (13/127)، المغني (12/495)، فتح الباري (11/191).