وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ? قَالَ: «نَعَمْ. جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ, الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه. وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ.
تخريج الحديث:
حديث عائشة J: سبق تخريجه في أوائل ]كتاب الحج[.
فقه الحديث:
مسألة: حكم جهاد الكفار على النساء([1]):
لا خلاف بين العلماء على أنه لا يجب على المرأة الخروج لجهاد الكفار، فقد سأل النساء رسول الله H عن الجهاد فقال: «جِهَادُكُنَّ الْحَجُّ»، وفي رواية: «لَكُنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ وَأَجْمَلَهُ الْحَجُّ».
ولا خلاف بين الفقهاء - فيما نعلم - في جواز خروجهن للجهاد إذا أذن الإمام لهن وأمن عليهن بأن يكن في جيش عظيم.
ولا يخرج إلا الكبار في السن من النساء، ولا تخرج الشابات.
فإن خرجن فقيل: يكره وليس محرمًا، فقد كانت عائشة J تخرج مع رسول الله H في بعض غزواته وهي شابة. وقيل: يحرم؛ لخشية وقوع الفتنة، ولأنهن لسن من أهل القتال، ويغلب عليهن الخوف والجبن، ولا يؤمن ظفر العدو بهن.
وخروج عائشة J مع النبي H أحيانًا يستفاد منه جواز مثل ذلك لأمير الجيش إذا احتاج لخروج بعض نسائه معه، ولا يرخص لسائر الرعية، لكي لا يفضي إلى ما سبق ذكره.
وهذا هو الراجح، إلا عند الضرورة لخروجهن، فيجوز مع الحذر، فالضرورة تبيح المحظور.
وخروجهن في الجهاد لأجل القيام بخدمة المجاهدين، من إصلاح الطعام وسقاية الماء ومعالجة الجرحى وتعليل المرضى، ولا يلمسن من ليس محرمًا عند المداواة، إلا إذا دعت الحاجة؛ فلا بأس بمس موضع الجرح، لا سيما وأنه لا يتلذذ بلمسه بل يقشعر منه الجلد.
وعليهن أن يدافعن عن أنفسهن إذا قرب العدو منهن.
ويجب على المرأة أن تقاتل العدو إذا هجم على بلدتها، ولا يشترط إذن زوجها أو وليها، لأنه يصبح فرض عين عليها إذا استطاعت له المرأة وقويت عليه، فتركه معصية.
وهذا مذهب الحنفية والمالكية، وهو الأصح عند الشافعية، وهو قياس المذهب عند الحنابلة.
([1]) المغني (13/8، 36)، روضة الطالبين (7/416)، شرح السنة للبغوي (11/13)، المفهم (3/685)، فتح الباري (6/169، 174)، الحاوي الكبير (14/116)، مشارق الأشواق (1/99، 101)، أحكام المجاهد (1/332).