وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِرَجُلٍ تَبِعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ: «ارْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث عائشة J: رواه مسلم (1817).
فقه الحديث:
مسألة: الاستعانة بالكفار في الحرب([1]):
المشهور عند المالكية، وقول بعض الشافعية، وبعض الحنابلة: إنها لا تجوز الاستعانة بالكفار في الحرب؛ لأنها لا تؤمن منهم الخيانة والغدر والانضمام إلى صف أصحابهم، وقد تبع رجل مشرك رسول الله H يوم بدر فقال له: «اِرْجِعْ، فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ».
ومذهب الحنفية، والمذهب عند الشافعية، والصحيح عند الحنابلة، ورواية لمالك: أنها تجوز الاستعانة بالكفار في الحرب عند الحاجة لهم ووجود المصلحة، مع الأمن من مكيدتهم، فقد استعان النبي H بصفوان بن أمية «فَاسْتَعَارَ مِنْهُ أَدْرَاعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ»، وكان صفوان حينها كافرًا.
وروى أحمد (4/91) وغيره عن ذي مخبر I أن النبي H قال: «سَتُصَالِحُونَ الرُّومَ صُلْحًا آمِنًا وَتَغْزُونَ أَنْتُمْ وَهُمْ عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ»، فأخبر H أن المسلمين سيشتركون مع النصارى في قتال عدو لهما، ولم يذمهم على ذلك.
ورفض النبي H الاستعانة بالرجل المشرك الذي تبعه يوم بدر إما لأنه لم يحتج له، وإما لأنه كان يرجو إسلامه، ففي حديث عائشة J أنه تبعه فرده، ثم تبعه ثانية «فَقَالَ لَهُ: كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ؟، قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ H: فَانْطَلِقْ».
وهذا القول هو الأرجح، مع وجوب الحذر منهم.
وأما عند الاضطرار للاستعانة ببعضهم؛ فهي جائزة باتفاق الفقهاء، فقد قال E: ﴿ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِ ﴾ [الأنعام: ١١٩].
([1]) شرح مسلم (12/198)، فتح الباري (6/221)، المغني (13/98)، الاستعانة بغير المسلمين للسبيل (ص/120)، الاستعانة بغير المسلمين للطريفي (ص/261)، أحكام المجاهد (1/356)، آثار الحرب (ص/734).