وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ فَدَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
تخريج الحديث:
حديث عمران بن حصين I: رواه أحمد (4/427)، والنسائي في الكبرى (8/47)، والترمذي (1658)، وإسناده صحيح، ورواه مسلم (1641) مطولًا.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: استرقاق الأسير([1]):
اتفق الفقهاء على أنه يجوز للإمام استرقاق الأسرى من الكفار، فيجعلهم عبيدًا بعد أن كانوا أحرارًا.
واختلفوا في استرقاق الكفار الذين لا تؤخذ منهم الجزية، وإنما يخيرون بين الإسلام أو القتل -على قول من يقول أن الجزية لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب والمجوس-:
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يجوز استرقاقهم كغيرهم من الكفار، لعمومات الأدلة، ولأن الاسترقاق عقوبة تتعلق بالكفر، فوجب أن يساوى بين الكتابي وغيره وبين من يقَر على الجزية وغيره.
المسألة الثانية: فداء الأسير المسلم بالأسير الكافر([2]):
المشهور عند الحنفية: أن الإمام يخيَّر في الأسير بين القتل والاسترقاق فقط، فليس فيه فداء.
وما جاء عن رسول الله H من مفاداة بين أسرى المسلمين والمشركين مع قوله E: ﴿ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً ﴾ [محمد: ٤]؛ فهو منسوخ بقوله D: ﴿ فَٱقۡتُلُواْ ٱلۡمُشۡرِكِينَ حَيۡثُ وَجَدتُّمُوهُمۡ ﴾ [التوبة: ٥].
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يجوز للإمام أن يفادي بالأسير الكافر إذا رأى المصلحة في ذلك، فقد ثبت «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H فَدَى رَجُلَيْنِ مِنْ المُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنْ المُشْرِكِينَ -أسره المسلمون-»، وقال E في أسرى الكفار: ﴿ فَإِمَّا مَنَّۢا بَعۡدُ وَإِمَّا فِدَآءً ﴾ [محمد: ٤]، والآية محكمة وليست منسوخة، فلا دليل على نسخها.
([1]) المراجع في المسألة قبلها.
([2]) بداية المجتهد (1/372)، المغني (13/47)، مشارع الأشواق (2/1044)، تفسير القرطبي (16/227)، شرح السنة للبغوي (12/78).