وَعَنْ صَخْرِ بْنِ الْعَيْلَةِ : أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا؛ أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ». أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.
تخريج الحديث:
حديث صخر بن العيلة I: رواه أحمد (4/310)، وأبو داود (3067)، والبيهقي (9/114)، وإسناده ضعيف؛ ففيه عثمان بن أبي حازم ووالده مجهولان.
فقه الحديث:
مسألة: إذا أسلم الكافر الحربي([1]):
لا يعلم خلاف بين الفقهاء أن الكافر الحربي إذا أسلم قبل الأَسر أنه يكون حرًّا طليقًا ويعصم دمه وماله، لأنه أسلم قبل وجود سبب التملك عليه، فلم يقع في أيدي الغانمين بعد.
وفي الحديث أن النبي H قال: «إِنَّ القَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا؛ أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ».
ولا خلاف بين الفقهاء أنه إذا أسلم بعد الأَسر أنه لا يقتل، لعموم قوله H: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا... فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْنَا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ».
واتفق الفقهاء على أنه يجوز للإمام أن يسترقه، فإنه إنما أسلم بعد الأسر، وقد صار ملكًا للغانمين، واقتناؤه الإسلام لا ينافي الرق، جزاءًا على الكفر الأصلي، وقد وجد بعد انعقاد سبب الملك وهو الأسر.
واختلفوا في المن عليه بالعفو أو الفداء به:
القول الأول: يخير الإمام فيه بين الرق أو الفداء أو المن، ففي ]صحيح مسلم[: «كَانَتْ ثَقِيفُ حُلَفَاءَ لِبَنِى عُقَيْلٍ، فَأَسَرَتْ ثَقِيفُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ H وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ H رَجُلًا مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ،... قَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، قَالَ: لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ،... فَفُدِيَ بِالرَّجُلَيْنِ»، ففاداه بهما بعد أن أعلن إسلامه، وليس في الحديث أنه لم يقبل إسلامه أو لم يصدقه.
وله أن يمن عليه بإطلاقه؛ لأنه إذا جاز في الأسير الكافر جاز في الأسير الذي أسلم من باب أولى، ولأنه لما سقط أحد الخيارات -وهو القتل- بقيت الثلاثة الأخَر: الرق والفداء والمن.
وهذا مذهب المالكية، والأصح عند الشافعية، والمذهب عند الحنابلة.
القول الثاني: ليس للإمام الفداء به أو المن عليه، إنما يكون رقيقًا بمجرد إسلامه في أسره؛ لأنه لما لم يجز قتله صار من الغنائم، فيصير رقيقًا مباشرة.
ومفاداة الأسير العقيلي بالرجلين المسلمين لا ينافي رقه، ففادى به وقد صار عبدًا بإذن الغانمين له، لأنه صار ملكًا لهم.
وهذا رواية لأحمد، وقول للشافعية، ومذهب الحنفية على أصلهم السابق.
والقول الأول هو الأرجح.
([1]) شرح مسلم (11/84)، المغني (13/47)، شرح السنة للبغوي (12/86)، الحاوي الكبير (14/178)، المفهم للقرطبي (4/611)، مشارع الأشواق (2/1046)، الإنصاف (4/139، 833).