وَعَن ابن عمر قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ H يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ, وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ, وَسَهْمًا لَهُ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عمر L: رواه البخاري (4228)، ومسلم (1762)، ورواية أبي داود (2733) إسنادها صحيح على شرط الشيخين.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: سهم الفارس والراجل من الغنيمة([1]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن الغازي الفارس - وهو الراكب على الخيل - له ثلاثة أسهم من الغنيمة: سهمان لفرسه، وسهم له.
وأما الراجل - وهو الغازي الماشي على رجليه -؛ فله سهم واحد، ففي الحديث أن رسول الله H «قَسَمَ –يعني: الغنيمة- يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ –يعني: من غير سهم صاحبه-، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا»، ويوضحه ما في الرواية الأخرى أن النبي H «أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْماً لَهُ».
وأما ما رواه أبو داود (2736) عن مجمع بن حارثة I أن رسول الله H قسم يوم خيبر «فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَأَعْطَى الرَّاجِلَ سَهْمًا»؛ فإسناده ضعيف.
المسألة الثانية: سهم غير الفرس مما يركب عليه([2]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه لا سهم للمركوب غير الخيل، كالبعير أو البغل، فليس لصاحبه إلا سهم واحد فقط من الغنيمة، كسهم الراجل، فلم ينقل عن رسول الله H أنه أسهم لغير الخيل مع تواجد الإبل في كثير من الغزو.
ولا بأس أن يعطيه زيادة من باب العطاء لا الإسهام، تشجيعًا للغزاة للخروج برواحلهم.
المسألة الثالثة: سهم المرأة والكافر إذا شاركا في المعركة([3]):
أما المرأة؛ فمذهب مالك: أنه لا شيء لها من الغنيمة، لا سهم ولا عطية، لعدم وجود دليل على إعطائها شيئًا من الغنيمة.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن النساء لا سهم لهن من الغنيمة، ولكن يرضخ لهن - والرضخ: العطاء ليس بالكثير -، فيعطيهن الإمام شيئًا دون السهم يحدده الإمام، ففي ]صحيح مسلم[ عن ابن عباس L قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يَغْزُو بِالنِّسَاءِ، وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى وَيُحْذَيْنَ مِنَ الْغَنِيمَةِ –أي: يعطين منها-، وَأَمَّا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنَّ».
ولأن المرأة ضعيفة فلا تصلح للقتال، فلا تستحق سهمًا كسهم الرجال.
وروى الطبراني (1369) عن ثابت بن الحارث I: «أن رسول الله H قسم يوم خيبر لسهلة بنت عاصم ولابن لها ولد»، وفي سنده ضعف، وعلى ثبوته؛ فلعله رضخ لها ولابنها، لا أنه أسهم لهما.
وروى الإمام أحمد (5/271) عن حشرج عن جدته: «خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ H فِي غَزَاةِ خَيْبَرَ... فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ خَيْبَرَ، أَخْرَجَ لَنَا سِهَامًا كَسِهَامِ الرَّجُلِ»، وإسناده ضعيف.
وأما الكافر؛ فمذهب جمهور العلماء: أنه لا سهم له، وإنما يرضخ له، كالمرأة والعبد؛ لأنه ليس من المجاهدين في سبيل الله.
والمذهب عند الحنابلة: أنه يسهم له كالمقاتل المسلم، فالكفر نقص في الدين، لكنه لا يمنع استحقاق السهم.
وروى البيهقي (9/53) عن الزهري V: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H اسْتَعَانَ بِنَاسٍ مِنَ الْيَهُودِ فِي حَرْبِهِ، فَأَسْهَمَ لَهُم»، وإسناده مرسل.
وهذا هو الأرجح.
([1]) المغني (13/85)، المفهم (3/559)، أحكام المجاهد (1/460).
([2]) المراجع السابقة، والإنصاف (4/174).
([3]) شرح مسلم (12/160)، المغني (13/92)، المحلى مسألة (952، 953)، بداية المجتهد (1/390)، مشارع الأشواق (2/1048)، الإنصاف (4/170)، آثار الحرب (ص/630).