وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لَا تَبْدَؤُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ, وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ, فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة I: رواه مسلم (2167).
فقه الحديث:
مسألة: السلام على أهل الكتاب والرد عليهم([1]):
اتفق الفقهاء على أن أهل الكتاب لا يُبدَؤون بالسلام، لقوله H: «لَا تَبْدَؤُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ».
واختلفوا في حكمه:
فمذهب الحنفية والمالكية، ووجه للشافعية: أنه يكره فقط.
ومذهب الحنابلة، والصحيح عند الشافعية: أنه يحرم؛ لأن النهي يقتضي التحريم، وهذ هو الراجح.
فإذا ابتدأ الكتابي بالسلام؛ فيشرع الرد عليه باتفاق الفقهاء.
واختلفوا في حكمه:
فمذهب الحنفية والمالكية: أنه لا يجب الرد عليه؛ لأن الأمر برد السلام خاص بالمسلمين.
ومذهب الشافعية والحنابلة: أنه يجب الرد عليه، لعموم قوله E:
﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآۗ ﴾ [النساء: ٨٦]، وقوله H: «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ»، متفق عليه، فهذا أمر بالرد.
وهذا هو الراجح.
وذهب فقهاء المذاهب الأربعة إلى أنه يقتصر في الرد عليه بقول: «عليكم» أو «عليك» دون السلام؛ لظاهر الحديث السابق.
وفصل بعض المحققين منهم ابن القيم والألباني وابن عثيمين رحمهم الله فقالوا: إن تأكد المسلم أن الكتابي لفظ بالسلام؛ رد عليه بالسلام، لعموم قوله E: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحۡسَنَ مِنۡهَآ أَوۡ رُدُّوهَآ ﴾ [النساء: ٨٦].
وأمر النبي H بالاقتصار في الرد عليه بقولنا: «وعليكم»؛ بناءً على سبب، وهو إذا لم ينطقوا بالسلام، وذلك إذا تحققنا أن الكتابي قال: «السام عليكم» أو شككنا فيه، والسام هو الموت.
وهذا تفصيل جيد.
ومعنى قوله: «وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ» أي: إذا التقيتم مع أحدهم في الطريق؛ فلا تتنحوا له ليمر حتى تضطروه للتنحي لكم وتفسيح الطريق لكم.
([1])([1]) شرح مسلم (14/122)، أحكام أهل الذمة (1/428)، الموسوعةالفقهية (25/168)، السلسلة الصحيحة للألباني (2/328).