الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ سَمُرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ, تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ, وَيُحْلَقُ, وَيُسَمَّى». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

عَنْ سَمُرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ, تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ, وَيُحْلَقُ, وَيُسَمَّى». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
5

وَعَنْ سَمُرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ, تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ, وَيُحْلَقُ, وَيُسَمَّى». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

تخريج الحديث:

حديث سمرة: رواه أحمد (5/8)، وأبو داود (2838) والنسائي (7/166)، والترمذي (1522)، وابن ماجه (3165)، وإسناده صحيح.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: حكم العقيقة([1]):

مذهب الظاهرية، ورواية لأحمد: أنها واجبة على المستطيع، فقد أمر النبي H، بها فقال: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا». وفي حديث عائشة J ـ السابق ـ أمرهم أن يُعقَّ: «عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ».

وقال: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ»، أي: محبوس بها. قيل معناه: محبوس عن الشفاعة لوالديه إذا مات طفلًا ولم يعق عنه. وقيل: محبوس بها لازمة لابد منها، فهو في عدم انفكاكه منها كالرهن في يد المرتهن. وقيل: محبوس في أسر الشيطان لا ينفك من رهنه إلا بها.

ومذهب جمهور أهل العلم: على أنها سنة مؤكدة وليست واجبة؛ لما رواه الإمام أحمد (2/183)، وأبو داود (2839)، والنسائي (7/168) وغيرهم عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي H سئل عن العقيقة؟ فقال: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْعُقُوقَ»، ثم قال: «مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ»، وإسناده حسن. وله شاهد عن رجل من بني ضمره عن أبيه أو عمه، بنحوه، رواه أحمد (5/369)، والبيهقي (9/300)، وفيه ضعف. فجعل العقيقة راجعة لاختيار وإرادة والد المولود.

والأمر بالعقيقة في بعض الأحاديث يحمل على تأكيد الإستحباب.

ومذهب الحنفية: أن العقيقة ليست سنة، وإنما هي بدعة من أمر الجاهلية، ففي الحديث أن النبي H، قال: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْعُقُوقَ».

والرد عليهم: أن النبي H إنما كره الاسم لا الفعل، ثم إن العلماء لم يكرهوا هذا الاسم؛ لما صح عن رسول الله H من تسميتها بالعقيقة في غير هذا الحديث، كحديث سمرة وفيه: «مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ».

والأرجح: مذهب جمهور العلماء أنها سنة مؤكدة، واختاره علماء اللجنة الدائمة([2]).

المسألة الثانية: وقت ذبح العقيقة([3]):

اتفق الفقهاء القائلون بمشروعية العقيقة على استحباب ذبحها في اليوم السابع؛ فقد قال H: «كُلُّ غُلَامٍ مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ».

والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن يوم الولادة يحسب من العدد، فيذبح عنه يوم سابعه -أي: سابع يوم الولادة-؛ لظاهر قوله: «يُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ».

ولا بأس بذبحها بعد ولادته وقبل اليوم السابع؛ لوجود سببها وهو الولادة، والأفضل: أن تذبح في اليوم السابع؛ لأنه آخر الأسبوع الذي يستبشر فيه بسلامة المولود، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، واختيار اللجنة الدائمة([4]).

ومن فاته اليوم السابع؛ فيشرع له أن يذبح العقيقة بعد ذلك عند جمهور العلماء، وهو الراجح، وإنما خص يوم السابع؛ لأن الطفل حين يولد يكون أمره مترددًا بين السلامة وعدمها، فإذا انتهت السبعة الأيام استبشر أهله بسلامته.

واختار جماعة من الفقهاء أن تذبح العقيقة إذا فات اليوم السابع في اليوم الرابع عشر - أي: بعد انتهاء الأسبوع الثاني -، فإن فات؛ ففي اليوم الحادي والعشرين، أي: بعد انتهاء الأسبوع الثالث؛ لما رواه البيهقي (9/303) عن بريدة أن النبي H قال: «الْعَقِيقَةُ تُذْبَحُ لِسَبْعٍ , أَوْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ , أَوْ أَحَدَ وَعِشْرِينَ». وإسناده ضعيف، وله شواهد لا يثبت بها([5]).

المسألة الثالثة: كيفية تصريف العقيقة([6]):

اتفق الفقهاء على أنه يؤكل من العقيقة ويتصدق منها ويهدى منها للجيران، ويستحب أن توزع مطبوخة؛ لأنه بطبخها يكفي المساكين والجيران مؤنة الطبخ، فهو زيادة في الإحسان وفي شكر هذه النعمة، وهذا مذهب الحنابلة، وجمهور الشافعية.

ولابأس بدعوى الناس والاجتماع لها كالوليمة عند الفقهاء، خلافًا للإمام مالك، فلا مانع من ذلك، وقد روى البخاري في الأدب المفرد (1260) عن معاوية ابن قرة، قال: «لَمَّا وُلِدَ لِي إِيَاسٌ دَعَوْتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ H فَأَطْعَمْتُهُمْ، فَدَعَوْا، فَقُلْتُ: إِنَّكُمْ قَدْ دَعَوْتُمْ فَبَارَكَ اللَّهُ لَكُمْ فِيمَا دَعَوْتُمْ». وإسناده صحيح.

المسألة الرابعة: تدمية رأس المولود([7]):

التدمية: هي أن يأخذ الشخص قطنة فيبللها بدم العقيقة، ثم يمسح بها رأس الصبي.

وقد ذهب بعض السلف وابن حزم، وهو رواية للحنابلة: إلى استحباب التدمية لرأس الصبي، فقد جاء في بعض طرق حديث سمرة: «ويُدَمَّى».

ومذهب جمهور العلماء: أن التدمية مكروهة، وأنها عادة جاهلية؛ لما رواه أبو داود (2840)، والطحاوي في «شرح المشكل» (3/64)، والحاكم (4/238) عن بريدة، قال: «كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لَنَا غُلَامٌ ذَبَحْنَا عَنْهُ شَاةً وَلَطَّخْنَا رَأْسَهُ بِدَمِهَا ثُمَّ كُنَّا فِي الْإِسْلَامِ إِذَا وُلِدَ لَنَا غُلَامٌ ذَبَحْنَا عَنْهُ شَاةً وَلَطَّخْنَا رَأْسَهُ بِالزَّعْفَرَانِ». وهو حديث صحيح، وله شواهد يزداد بها قوة.

ولفظ (التدمية) في حديث سمرة، شاذ لا يثبت، أنكره جمهور العلماء([8]).

وهذا هو الراجح.

المسألة الخامسة: حلق رأس المولود والتصدق بوزن شعره([9]):

عامة الفقهاء على استحباب حلق رأس الصبي في اليوم السابع؛ ففي حديث سمرة: «تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُحْلَقُ» وفي حديث سلمان الضبي إشارة إلى ذلك، ففيه: «وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى».

والصحيح من أقوال العلماء: أنه يستحب -أيضًا- حلق رأس الصبية في اليوم السابع؛ فهو أذى مطلوب التخلص منه، وأيضًا ما جاء من حكم في الذكر؛ فالأصل أن تدخل فيه الأنثى، إلا لدليل يخصص الذكر، وهذا مذهب الشافعية، وبعض الحنابلة.

ويستحب عند جمهور العلماء التصدق بوزن شعره من الفضة؛ فقد جاء عن رسول الله H أنه أمر برأس الحسن أن يحلق، وأن يتصدق بوزنه فضة. رواه البيهقي (9/304) عن فاطمة وعن علي، ورواه البزار كما في «كشف الأستار» (1238) عن أنس، ورواه الطبراني في الأوسط (558) بنحوه عن ابن عباس، وهي أحاديث ضعيفة، وقد حسنها الألباني بمجموعها([10]).

وللإمام مالك رواية بعدم استحباب ذلك، وقد ذكر ابن حزم حلق رأس الصبي، ولم يذكر التصدق بوزن شعره، واختاره بعض المحققين؛ بناء على ضعف الحديث السابق.

المسألة السادسة: تسمية المولود([11]):

الصحيح الذي عليه مذهب المالكية والشافعية والحنابلة: أنه يستحب أن يسمى المولود في اليوم السابع من ولادته؛ لحديث سمرة، وفيه «وَيُسَمِّي».

وما ثبت عن رسول الله H من تسمية بعض الغلمان في يوم ولادتهم؛ فهو يدل على أن التسمية يوم الولادة حسن.

ويستفاد منه أيضًا: أن من كان قد عُين له اسمًا قبل الولادة، أنه يسمى به يوم ولادته، ولا يؤخر إلى اليوم السابع.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (8/429، 447)، التمهيد لابن عبد البر (4/311)، المحلى مسألة (1113)، المغني (13/393)، طرح التثريب (5/206)، فتح الباري (11/5)، الإنصاف (4/110).

([2]) فتاواها (11/439).

([3]) التمهيد لابن عبد البر (4/311)، المجموع شرح المهذب (8/431، 448)، المحلى مسألة (1113)، المغني (13/396)، فتح الباري (11/13)، تحفة المودود (ص/84)، الإنصاف (4/112).

([4]) فتاواها (11/438، 447).

([5]) انظر إرواء الغليل (1170).

([6]) المجموع شرح المهذب (8/430)، الاستذكار (15/384)، بداية المجتهد (1/464)، المغني (13/400)، تحفة المودود (ص/86)، الإنصاف (4/113).

([7]) المحلى مسألة (1113)، المغني (13/398)، الاستذكار (15/381)، طرح التثريب (5/215)، فتح الباري (11/12)، الإنصاف (4/112).

([8]) انظر إرواء الغليل (1165).

([9]) المغني (13/397)، المجموع شرح المهذب (8/432)، بداية المجتهد (1/464)، طرح التثريب (5/212)، تحفة المودود (ص/87)، فتح الباري (11/14)، الإنصاف (4/111).

([10]) الإرواء (1175).

([11]) المغني (13/397)، المجموع شرح المهذب (8/435)، طرح التثريب (5/211)، فتح الباري (11/4)، تحفة المودود (ص/95، 102)، الشرح الممتع (8/540).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة