وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ : «لَا, وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
حديث ابن عمر L: رواه البخاري (6628).
المسألة الأولى: ألفاظ القسم المشروع([1]):
اتفق الفقهاء على صحة القسم بما يختص به الله وحده: من الأسماء والصفات، مما لا ينصرف لغيره، كلفظ الجلالة: الله، والرحمن، ورب العالمين، والذي نفسي بيده، ومقلب القلوب، وكذلك ما هو مشترك بينه وبين المخلوق، كالكريم والمؤمن والحي، وإذا نوى بحلفه باللفظ المشترك غير الله؛ فينصرف بالنية إلى ما نواه، ولا يكون يمينًا، فلا كفارة عليه إذا خالف.
والحلف «بعهد الله» كأن يقول الحالف: عهد الله لأفعلنَّ كذا، أو عليَّ
عهد الله لأفعلنَّ كذا، الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يكون يمينًا عند الإطلاق، فقد قال تعالى: ﴿ وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمۡ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَيۡمَٰنَ بَعۡدَ تَوۡكِيدِهَا ﴾ [النحل: ٩١]. فجعل العهد يمينًا، ولأنه صفة لله تعالى، وأما إذا لم ينو اليمين، وإنما أريد بالعهد التكليف الذي عهد به الله إلى العباد، لم
يكن يمينًا.
المسألة الثانية: إذا أقسم الشخص ولم يذكر المقسم به([2]):
كقوله: أقسمت أو حلفت لأفعلنَّ كذا، ولم يذكر الله أو صفته.
مذهب الشافعي: أنها ليست بيمين ولو نوى اليمين؛ لأنها خلت عن
اسم الله وصفاته.
ومذهب الحنفية، ورواية لأحمد: أنها يمين، سواء نوى اليمين أو أطلق، فقد قال تعالى: ﴿ إِذَا جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ قَالُواْ نَشۡهَدُ... ٱتَّخَذُوٓاْ أَيۡمَٰنَهُمۡ جُنَّةٗ ﴾ [المنافقون: ١، ٢] فسماها يمينًا، مع أنهم قالوا: «نشهد» ولم يُذكر المقسم به.
ومذهب المالكية، ورواية لأحمد: إذا نوى بها اليمين بالله كانت يمينًا، وإلا فلا تكون يمينًا؛ لأن هذا اللفظ يحتمل القسم بالله وبغيره، فإذا نوى اليمين بالله صحت منه وكانت يمينًا.
وهذا هو الأرجح.
([1]) المغني (13/452، 463)، التمهيد لابن عبد البر (14/369)، فتح الباري (13/373، 379، 395)، الموسوعة الفقهية (7/254، 260).
([2]) المغني (13/469).