وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللَّهِ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ, تُوُفِّيَتْ قَبْلِ أَنْ تَقْضِيَهُ? فَقَالَ: «اقْضِهِ عَنْهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
حديث ابن عباس L: رواه البخاري (6698)، ومسلم (638).
مسألة: قضاء النذر عن الميت([1]):
لا خلاف بين العلماء أن الميت إذا ترك مالًا، وكان نذره في مالٍ؛ أنه يجب الوفاء بنذره قبل تقسيم التركة.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يقدم على ديون الآدميين، فدين الله أحق بالقضاء.
أما إذا لم يترك مالًا؛ فلا يجب على أقاربه أن يقضوا نذره، ولكن يستحب لهم ذلك، فقد قال تعالى: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ ﴾، فلو وجب عليهم لتحملوا وزر غيرهم، ولأن الوارث لم يلتزم به حتى يكون لازمًا عليه، لكنه يستحب للأمر بقضاء النذر عن الميت، فقد قال النبي H لسعد بن عبادة I: «اقْضِهِ عَنْهَا» أي: عن أمه. وهذا مذهب الجمهور، وهو الراجح.
ومذهب الظاهرية: أنه يجب عليهم القضاء، فالأمر يقتضي الوجوب.
وأما إذا كان نذره في غير مال، وهي الأعمال البدنية كالصيام والصلاة والاعتكاف وقراءة القرآن؛ فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية: أنه لا يقضى عنه، واستثنى الشافعية في قول الصيام، وحملوا حديث سعد على الحقوق المالية، أو على الصيام عند الشافعية في قول.
ومذهب الظاهرية، والمشهور عند الحنابلة: أنه يقضي نذر الميت في الحقوق البدنية كالمالية؛ للعموم في حديث سعد بن عبادة، وهو وإن لم يصح عن الحي؛ إلا أنه يصح عن الميت؛ لأدلة، وهو الأقرب.
([1]) المحلى مسألة (1123، 1764)، الاستذكار (15/16)، شرح مسلم (11/81)، المغني (13/655)، فتح الباري (13/444).