وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ, وَهُوَ غَضْبَانُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
حديث أبي بكرة I: رواه البخاري (7158)، ومسلم (1717).
مسألة: قضاء القاضي عند تغير خلقه([1]):
ذهب بعض فقهاء الحنابلة إلى أنه يحرم على القاضي أن يحكم بين المتخاصمين في حالة الغضب، فقد قال رسول الله H: «لَا يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»، وهذا نفي الغرض منه النهي، وهو مطلق فيقتضي التحريم.
ومذهب جمهور العلماء: أنه يكره ولا يحرم، فقد جاء عن النبي H في وقائع أنه قضى بين متخاصمين في حالة الغضب، ولكن إذا وصل الغضب إلى الحد الذي لا يمكن معه أن يميز بين الحق والباطل، ولا يفهم ما يقال له؛ فلا يجوز له أن يحكم بين المتخاصمين في هذه الحالة، وهذا القول هو الأرجح.
وألحق الفقهاء بالغضب: ما في معناه مما يغير الخُلق، ويشوش على الفكر، ويمنع من كمال التعقل، كالجوع والعطش المفرطين، والخوف المقلق، والمرض المؤلم، والحزن والفرح الشديدين، وغلبة النعاس، والحر المزعج، والبرد القارس، ومدافعة أحد الأخبثين، فلا يحصل في هذه الحالات استيفاء الحكم على
الوجه المطلوب.
([1]) شرح مسلم (12/15)، المحلى مسألة (1777)، المغني (14/19، 25)، المفهم للقرطبي (5/170)، إكمال المعلم (5/575)، الإنصاف (11/209)، فتح الباري (15/35).