عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ, لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ, وَأَمْوَالَهُمْ, وَلَكِنِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِلْبَيْهَقِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي, وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ».
حديث ابن عباس L: رواه البخاري (4552)، ومسلم (1711)، ولفظ البيهقي (10/252)، إسناده حسن.
مسألة: على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين([1]):
أجمع العلماء على أن الدعوى إذا كانت في الأموال، كالقرض والبيع والشراء والإجارة والهبة؛ أنه يلزم على المدعي أن يأتي بالبينة، وهي الشهود على صحة ما ادعاه، إلا أن يقر له المدعى عليه بالحق.
وأما إذا أنكر ولا بينة؛ فوجبت اليمين على المنكر وهو المدعى عليه.
فقد قال H: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ -أي لسفكت الدماء وأخذت الأموال بمجرد الدعوى-، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ»، يفهم منه: أن على المدعي البينة، وفي لفظ «الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ -وهو المدعى عليه-».
وإذا كانت الدعوى في حق الآدميين وليس بمال، كإثبات طلاق أو نكاح أو رجعة أو قذف أو قصاص، ولم يأت المدعي بالبينة وهم الشهود:
فمذهب أبي حنيفة والمالكية ورواية لأحمد: أن القول قول المدعى عليه-وهو المنكر-بدون يمين، وما جاء من النص على إلزام المدعى عليه باليمين؛ فإنما هو في الدعاوى في المال.
ومذهب جمهور العلماء: أنه إذا انعدمت بينة المدعي؛ فلابد من حلف المدعى عليه؛ لعموم حديث ابن عباس، وهذا هو الأرجح.
وعامة العلماء على أن اليمين لا تلزم على المدعى عليه إذا أنكر في دعوى عليه في حقوق الله المحضة، كاتهامه بالزنى أو بشرب الخمر، فليست هذه الدعوى من باب الخصومات، حتى تلزم اليمين على المدعى عليه إذا أنكر.
([1]) الاستذكار (22/74)، المغني (14/236)، بداية المجتهد (2/466، 473)، شرح السنة للبغوي (10/100)، المحلى (9/373)، المفهم للقرطبي (5/149)، إكمال المعلم (5/556)، مجموع الفتاوى (35/390)، فتح الباري (5/615)، فتح باب العناية (2/166)، روضة القضاة (1/273).