- وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ, فَيُعْرِضُ هَذَا, وَيُعْرِضُ هَذَا, وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
حديث أبي أيوب I: رواه البخاري (6077)، ومسلم (2560).
المسألة الأولى: هجر المسلم([1]):
لا خلاف بين الفقهاء أنه يحرم على المسلم هجر أخيه المسلم فوق ثلاثة أيام، فقد قال H: « «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ -يقاطعه، ويترك الكلام معه- فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا، وَيُعْرِضُ هَذَا»، وهذا إذا كان التهاجر لحظوظ نفس أو معايش الدنيا، أو تقصير في حقوق العشرة والصحبة.
ويجوز الهجر ثلاثة أيام فما دون، يفهم من قوله: « «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ»؛ لما يعتري الإنسان من الغضب والحنق مما قد يصعب عليه المؤانسة والتودد لخصمه في بداية الأيام، وعلى هذا جمهور العلماء، وهو الراجح.
ويجوز الهجر فوق ثلاثة أيام للمجاهرين بالبدع أو الفسوق أو المعاصي إذا وجدت المصلحة من هجرهم، فقد هجر رسول الله H كعب بن مالك وصاحبيه L، نحو خمسين يومًا عندما تخلفوا في غزوة تبوك من دون عذر، وعلى هذا مشى السلف الصالح، واتفق عليه الفقهاء.
وقال ابن عبد البر: «أجمعوا على أنه لا يجوز الهجر فوق ثلاث، إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه أو يدخل منه على نفسه أو دنياه مضرة». اهـ
كما يجوز هجر الزوج لزوجته، إذا عصته فيما يجب عليها له، ولم ينفع معها الوعظ والنصح، حتى تترك النشوز وتعود للطاعة، وانظر ما سبق في (باب عشرة النساء).
المسألة الثانية: البدء بالسلام بعد الهجر([2]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن الهجر ينتهي ويرتفع بالسلام، فيكفي مجرد السلام، ولا يلزم العودة إلى نفس الحالة السابقة، وقد قال النبي H في المتهاجرين: «وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ»، أي: أفضلهما الذي يبدأ بالسلام، فلولا أن السلام يرفع الهجر، لما اقتصر عليه في الحديث، فيسقط إثم الهجر على ملقي السلام.
([1]) شرح مسلم (16/96)، فتح الباري (12/121)، الموسوعة الفقهية الكويتية (42/168).
([2]) انظر المراجع السابقة، وأحكام تحية الإسلام، لبرهان الشعيبي (ص/308).