وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا, نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ, وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ, يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا, سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ, وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
حديث أبي هريرة I: رواه مسلم (2699).
المسألة الأولى: تفريج الكرب عن المسلم:
من أزال وكشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا مما ينزل بالعبد من مشقة وشدة، يزيلها عنه بماله أو جاهه أو فعله، فبالمقابل يزيل الله ويكشف عنه من كرب يوم القيامة، وهي أشد وأعظم من كرب الدنيا، وقد قال H: «مَنْ نَفَّسَ -فرج- عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا –أي: شدة ومصيبة في الدنيا -، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» أي: من أهوال وشدائد يوم الحساب.
المسألة الثانية: التيسير عن المعسر:
وهذا يكون بإبرائه من دين، أو بوضع شيء من دينه، أو بتأخيره في الأداء إلى وقت القدرة، أو بالتصدق عليه بما يدفع به العسر عن نفسه، والجزاء له من الله تعالى أن ييسر الله عليه أموره في الدنيا، بتوسيع رزقه وحفظه من الشدائد، وفي الآخرة بتيسير حسابه والعفو عن عقابه، والتجاوز عنه، وتثقيل ميزانه.
وفي الحديث «مَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ –أي: في الدنيا-، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ -أي: سهل له ما تعسر في الدنيا والآخرة ».
وأمر التيسير من أصول الدين الأساسية، وهو مطلوب في الأحكام الشرعية، ومذكور في الأبواب الفقهية، كتخفيف الإمام للقراءة في الصلاة؛ لييسر على المأمومين، وفي رفق الإمام العام بالرعية، وكذلك التيسير في الدعوة والتعليم للآخرين، ففي الصحيحين أن النبي H عندما أرسل معاذًا وأبا موسى إلى اليمن، قال: «يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا». وفي الصحيحين عن أنس I أن
رسول الله H قال: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا، وَلاَ تُنَفِّرُوا».
المسألة الثالثة: الستر على المسلم([1]):
لا خلاف بين العلماء: أنه يستحب الستر على المسلم إذا وقع في خطيئة أو زلة إذا كان ممن يعرف بالصلاح، ولا يجاهر بالمعاصي؛ حفاظًا على مكانته وتشجيعًا له على التوبة والإنابة، ففي الحديث: « مَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ –أي: كتم عيبه ولم يفضحه عند والٍ أو غيره- سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة –أي: لم يفضحه الله بين الخلائق في الدنيا والآخرة ».
ولكن لا يترك من النصح، فهذا باب آخر يطالب به المسلم، وهو باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح لكل مسلم.
ولا يستحب الستر على من اشتهر بالفسق أو المعاصي ومن يجاهر بها، فالستر عليه يعينه على التمادي، ويشجعه على عدم التوبة، وفيه إضرار بالمجتمع.
المسألة الرابعة: إعانة المسلم لأخيه:
إما لجلب منفعة، وإما لدفع مضرة، بما لا يخالف الشرع، فيعينه إما بجاه وإما بمال وإما بمشاركة، ومن فعله أعانه الله على أمور دينه ودنياه.
([1]) شرح مسلم (15/111)، الموسوعة الفقهية (24/169).