وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «مَنِ اسْتَعَاذَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ, وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ, وَمَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ, فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا, فَادْعُوا لَهُ». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
حديث ابن عمر L: رواه أحمد (2/68)، وأبو داود (1672)، والنسائي (5/82)، والبيهقي (4/199)، وإسناده صحيح.
المسألة الأولى: من استعاذ بالله:
من استعاذ بالله من شخص أو جماعة - أي: طلب العوذ من الله -، كأن يقول: أعوذ بالله منك، أو منكم - أي: ألتجئ وأحتمي بالله منك؛ فوجبت إعاذته - أي: تركه والانكفاف عنه -؛ تعظيمًا وتبجيلًا لمن استعاذ به وهو الله E، وقد قال H: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ». والأمر
يقتضي الوجوب.
وأما إذا استعاذ من شخص أو جماعة، ليجعله يترك واجبًا، أو يفعل محرمًا، أو يتخلص من جريمة هو مدان بها، أو من حق عليه؛ فلا يجاب لذلك، بل تحرم إعاذته؛ لما يترتب على إعاذته وتركه من معصية لله تعالى.
المسألة الثانية: من سأل بالله([1]):
من سأل شخصًا بالله أن يعطيه شيئًا: فإن كان طلبه محرمًا؛ فلا يجاب لذلك، ويحرم إعطاؤه ما طلب، وإن كان مكروهًا، أو فيه ضرر على المسؤول، أو فيه مفسدة خاصة أو عامة، أو لا يقدر عليه المسؤول؛ فلا يجاب أيضًا.
وأما غير ما سبق؛ فمذهب جمهور العلماء: أنه يستحب إعطاؤه ما سأله بالله.
وقول ابن تيمية وعدد من المحققين بعده كالألباني وابن عثيمين: إنه يجب إعطاؤه؛ تعظيمًا لمن سأل به وهو الله، وفي الحديث «مَنْ سَأَلَكُمْ بِاللهِ فَأَعْطُوهُ» وهذا أمر يقتضي الوجوب؛ ولما رواه أحمد (1/237)، والترمذي (1652) عن ابن عباس L عن النبي H: «أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ الَّذِي يُسْأَلُ بِاللَّهِ، ولاَ يُعْطِي بِهِ». وإسناده حسن، وهذا هو الأقرب.
المسألة الثالثة: من صنع معروفًا لشخص([2]):
من أحسن لشخص بأي وجه من وجوه الإحسان؛ فإنه يستحب له أن يكافئه على إحسانه إذا قدر، بمال أو هدية أو دعوى لطعام أو خدمة أو قضاء حاجة له، حتى لا يبقى الشخص في حرج وذل لمن صنع له معروف، وأيضًا تشجيعًا لفاعل المعروف للاستمرار على هذه العادة الحميدة، ومن لم يستطع على المكافأة فيدعو بالخير لمن فعل له الخير، وفي الحديث: « وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا -أي ما تكافئوه به- مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ».
([1]) شرح مسلم (14/28)، المغني (13/503)، تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد (ص/151)، السلسلة الصحيحة (1/513)، أحكام اليمين، د/ خالد المشيقح (ص/316)، القول المفيد شرح كتاب التوحيد (3/134)، التمهيد شرح كتاب التوحيد (ص/524).
([2]) المراجع السابقة.