- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ, وَأَحَبَّنِي النَّاسُ. فقَالَ: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ, وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ». رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه, وَسَنَدُهُ حَسَنٌ.
(1488) 07 - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ, الْغَنِيَّ, الْخَفِيَّ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
حديث سهل بن سعد I: رواه ابن ماجه (4102)، وإسناده ضعيف، ففيه خالد بن عمرو القرشي، ضعيف جدًّا، وللحديث شواهد شديدة الضعف، لا يرتقي بها إلى درجة الحسن([1]).
حديث سعد بن أبي وقاص I: رواه مسلم (2965).
مسألة: الزهد في الدنيا وفيما عند الناس:
الزهد في الدنيا يكون بترك التعلق بها، والنهم في طلبها، والشغف بها والخلود إليها، وهذا يترتب عليه الرغبة في الآخرة، والسعي بتحصيل النعيم الأخروي، والانشغال بطاعة الله، وعمل ما يرضيه، فيحبه الله ويرضى عنه.
ومما يعين على الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة: النظر لحقيقة الدنيا من أنها دار فانية، وما في الاشتغال بها من النغص والنكد، والنظر لحقيقة الآخرة بأنها دار بقاء وخلود ونعيم سرمدي، ولا حسرة فيها ولا لغط ولا كبد، والنظر إلى ما جاء في الكتاب والسنة من ذم للدنيا ومدح للآخرة، كقوله تعالى: ﴿ بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا ١٦ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ ١٧ ﴾ [الأعلى: ١٦، ١٧]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا فِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِلَّا مَتَٰعٞ ٢٦ ﴾ [الرعد: ٢٦]، وقوله تعالى: ﴿ قُلۡ مَتَٰعُ ٱلدُّنۡيَا قَلِيلٞ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ ﴾ [النساء: ٧٧].
والزهد عما في أيدي الناس يكون بترك النظر إلى ما أنعم الله عليهم به، وبترك الانشغال بمعرفة ما معهم، وعدم التعرض لسؤالهم، والطمع في الحصول على بعض ما عندهم، وترك إظهار الافتقار لهم، ومن كان كذلك أحبه الله وأحبه الناس، ففي الحديث «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبُّكَ اللَّهُ, وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ»، وقال H: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ -وهو الذي
يخشى الله، فيأتي بالمأمور ويجتنب المنهي- الْغَنِيَّ -وهو المستغني بالله، عما في أيدي الناس، فيرضى بما قسم الله له، ولا يطمع فيما في أيدي الناس- الْخَفِيَّ -الذي لا يقصد الشهرة ولا يحب الاشتهار»، فالله يحب العبد الذي يستغني به ويفتقر إليه ويحتاج له وحده ويطلب الفضل منه، والناس يحبون من لا يطمع فيما عندهم فيستريحون له ولا يستثقلونه، فقد جبل الناس على حب المال، فمن طمع منهم بما أحبوه؛ كرهوه واستثقلوه، ونقص قدره عندهم ولو كان من العباد أو العلماء.
([1]) تحقيق شعيب الأرناؤوط لسنن ابن ماجه.