وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ: لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ, وَسُبْحَانَ اللَّهِ, وَاللَّهُ أَكْبَرُ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ, وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ». أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ.
(1560) 09 - وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ, لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ, وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ, وَاللَّهُ أَكْبَرُ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
حديث أبي سعيد I: رواه النسائي كما في «تحفة الأشراف» (3/362)، وابن حبان (840)، والحاكم (1/512)، وإسناده ضعيف، فهو عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم، وهي رواية ضعيفة، وجاء بنحوه من حديث أبي هريرة I، رواه النسائي في الكبرى (6/212)، والحاكم (1/541)، والطبراني في الأوسط (4039)، ورجح البخاري وأبو حاتم وغيرهما فيه الإرسال([1]).
حديث سمرة بن جندب I: رواه مسلم (2137).
المسألة الأولى: فضائل الكلمات الأربع:
وهي: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وقد ذكر بعض أهل العلم أنهن أفضل الذكر بعد القرآن الكريم؛ فقد جعلها رسول الله H عوضًا عن القرآن في الصلاة، لمن لا يحفظ شيئًا من القرآن، فقد روى أبو داود (856)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/232) وغيرهما، عن ابن أبي أوفى وغيره M، جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ H فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ، قَالَ: " قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. وهو حديث حسن؛ ولما لهن من القدر والشأن العظيم والمكانة العالية في الدين، منها:
- قوله H: «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ, لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ –أي: أولًا، فلا يشترط الترتيب فيهن-: سُبْحَانَ اللَّهِ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ, وَلَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ, وَاللَّهُ أَكْبَرُ». - ما رواه مسلم، عن أبي هريرة I، قال: قال رسول الله H: «لَأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ».
- ما جاء عن النعمان بن بشير L، أن النبي H، قال: «إِنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلَالِ اللَّهِ التَّسْبِيحَ، وَالتَّهْلِيلَ، وَالتَّحْمِيدَ يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ، لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا، أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَوْ لَا يَزَالَ لَهُ مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ؟». رواه ابن ماجه (3854) وغيره، وسنده صحيح.
- ما رواه مسلم عن أبي ذر I، «أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ H قَالُوا لِلنَّبِيِّ H: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ: " أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ؟ إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً... الحديث».
- ما جاء عن أنس I، أن النبي H، قال: «إِنَّ الحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَتُسَاقِطُ مِنْ ذُنُوبِ العَبْدِ كَمَا تَسَاقَطَ وَرَقُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ». رواه الترمذي (3544) وغيره، وهو حديث حسن.
أنهن الباقيات الصالحات، قال H: «الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ –أي: التي يبقى أجرهن إلى يوم القيامة- مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ».
المسألة الثانية: المقصود بالباقيات الصالحات:
وهي المذكورة في قوله تعالى: ﴿ ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱلۡبَٰقِيَٰتُ ٱلصَّٰلِحَٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابٗا وَخَيۡرٌ أَمَلٗا ٤٦ ﴾ [الكهف: ٤٦]، وقد اختلف العلماء في المقصود بها.
فمذهب جمهور العلماء، أن المراد بها الكلمات المأثورة في قوله: «لا إله إلا الله سبحان الله ...» الحديث؛ فالسنة تفسر ما في القرآن.
والذي عليه بعض السلف والمحققون من أهل العلم: أن المراد بها كل عمل صالح: من قول أو فعل يُدَّخر للآخرة؛ لأن كل ما بقي ثوابه وأجره جاز أن يقال له هذا، والمذكور في الحديث، هو إثبات لبعض ما يعتبر من الباقيات الصالحات، ولا يمنع دخول بقية الأعمال الصالحة فيه. وهذا هو الأرجح.
([1]) التاريخ الكبير للبخاري (6/122)، علل ابن أبي حاتم (2/100).