226 - حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُجَيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ وَلَا جُنُبٌ.
رجال السند:
- حفص بن عمر، ابن الحارث النمري، أبو عمر الحوضي، ثقة ثبت.
- شعبة، ابن الحجاج أبو بسطام البصري، ثقة حافظ متقن أمير المؤمنين في الحديث.
- علي بن مدرك، النخعي الكوفي، ثقة.
- أبو زرعة بن عمرو بن جرير، البجلي الكوفي، ثقة، مختلف في اسمه مشهور بكنيته.
- عبد الله بن نجي، ابن سلمة الحضرمي أبو لقمان الكوفي، صدوق.
- أبوه، نجي الحضرمي، مقبول.
- علي بن أبي طالب، I.
شرح الحديث:
«لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا» هذا يدل على أنه من المنكر والإثم، فما تمتنع الملائكة الأبرار من دخول هذا البيت إلا لوجود محضور فيه.
والملائكة هنا: هم ملائكة الرحمة لا الحفظة، فالحفظة يرافقون الشخص في كل مكان.
وإذا لم تدخل الملائكة تدخل الشياطين.
«فِيهِ صُورَةٌ» صورة لكائن حي من إنسان أو غيره، فقد جاءت الأدلة فيها، أما غير الكائن الحي فليست صورته محرمة، فالنبي H عندما كان في البيت وكان عنده تمثال فقال له جبريل عليه السلام: «اقطع رأسه تذره كالشجرة» يعني: يكون شكله كالشجرة، دليل على أن الرسوم ليست محرمة مطلقًا وإنما إذا كانت لكائن حي، وعلى هذا عامة أهل العلم، أن الصورة المحرمة إذا كانت لكائن حي، أما غير الكائن الحي فلا يدخل في التحريم.
ثم هذا الصور إن كانت تماثيل فهذا إجماع متيقن بين العلماء أنها محرمة، يعني: تمثالًا له ظل، وإن كانت من النقوش على الملابس على الجدران على الأدوات وما أشبه ذلك، فهذه النقوش عامة أهل العلم على تحريمها إلا قلة قليلة والأدلة على تحريمها ظاهرة، من أصحها ما جاء في الصحيحين أنه H دخل بيت عائشة وعندهما نمرقة -ستار- عليه تصاوير، فغضب فهتك هذا الستر، وقال: «أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون».
إلا أن جمهور العلماء استثنوا منها الممتهن، أي: الذي يداس ويوطأ، فقالوا: هذا ليس فيه تعظيم للصورة.
أما الصور التي هي للضرورة فهذه جائزة ﴿وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ﴾ [الأنعام: 119]، لكن اختلفوا هل تمنع دخول الملائكة مع أنهم أجازوها للضرورة، كالصورة في النقود أو البطائق أو ما أشبه ذلك، بل قد أجازوا كما سبق الممتهن ولو لغير ضرورة، كصورة طير أو أسد على الفراش يوطأ ويمتنهن، أكثر العلماء يجوزونه يقولون: يكره فقط، لأنه ممتهن ليس متخذًا على سبيل التعظيم، بخلاف الصور التي تعلق أو في الملابس فهذه للتعظيم، فهل تمنع هذه الصور من دخول الملائكة على قولين:
قال بعض أهل العلم: تمنع؛ لأن الدليل عام لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة، لم يفرق بين صورة ممتهنة وغير ممتهنة، بين صورة لضرورة ولغير ضرورة.
وقال بعضهم: لا تمنع، فمقتضى الجواز دخول الملائكة، فإذا جاز له أن يتخذها للضرورة فهذا يقتضي أن الملائكة لا تمتنع منها.
والكلام على الصور بتفصيل أكثر من هذا إن شاء الله في بابه.
«وَلَا كَلْبٌ» الكلب يمنع دخول الملائكة والأحاديث فيه متعددة، أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب، وهذا الحديث «أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة». هو في الصحيحين. وامتناع الملائكة من دخول البيت الذي فيه كلب دليل على حرمة اقتناء الكلاب، لكن الشرع قد رخص في اقتناء الكلب في حالات، قال: «إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية». وعليه جمهور العلماء أو عامتهم، أنه لا بأس باقتناء الكلب للضرورة لحراسة الزرع لحراسية الماشية، للصيد، والحديث في صحيح مسلم أن النبي H قال: «من اقتنى كلبًا نقص من أجره قيراطًا إلا كلب صيد أو زرع أو ماشية». لكن هل يمنع من دخول الملائكة؟ كالخلاف الأول.
قال بعضهم: يمنع من دخول الملائكة، وإن جاز له أن يدخلها.
وقال بعضهم: تدخل الملائكة، فمقتضى عدم التحريم ومقتضى الجواز الشرعي أن هذا لا يمنع دخول الملائكة.
«وَلَا جُنُبٌ». مع أن النبي H كان يؤخر الغسل. كما سبق ذكره والجواب عليه من وجهين:
الأول: أن هذه الزيادة إسنادها ضعيف.
الثاني: على فرض صحته فيجمع بين الأدلة أن هذا الجنب الذي يبقى على جنابته كالكافر أو المسلم العاصي، فيكون المعنى «ولا جنب» ممن يبقى على الجنابة فلا يغتسل لها، وهو إما الكافر وإما المسلم العاصي، وعليه فتأخير الغسل من الجنابة لا يمنع دخول الملائكة.