335 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، نَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ، قَالَ: فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّيَمُّمَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ فِيهِ: فَتَيَمَّمَ. بَابُ الْمَجْدُورِ يَتَيَمَّمُ
رجال السند:
- محمد بن سلمة، المرادي أبو الحارث المصري، ثقة ثبت.
- ابن وهب، عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، أبو محمد المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد.
- ابن لهيعة، عبد الله بن لهيعة الحضرمي أبو عبد الرحمن المصري القاضي، صدوق، خلط بعد احتراق كتبه.
- عمرو بن الحارث، ابن يعقوب الأنصاري، أبو أيوب المصري، ثقة فقيه حافظ.
- يزيد بن أبي حبيب، المصري أبو رجاء، ثقة فقيه.
- عمران بن أبي أنس، ثقة.
- عبد الرحمن بن جبير، ثقة عالم بالفرائض.
- أبو قيس مولى عمرو بن العاص، ثقة.
شرح الحديث:
«أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ»، السرية هي قطعة من الجيش.
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ.
«قَالَ: فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ» الأماكن التي فيها أوساخ.
«وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ»، فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ التَّيَمُّمَ.
لكن قد مر في الراوية الأولى ذكر التيمم.
«قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ»، عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أبو عمرو الفقيه، ثقة جليل.
«عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ»، المحاربي أبو بكر الدمشقي، ثقة فقيه عابد.
«قَالَ فِيهِ: فَتَيَمَّمَ».
والحديث صحيح، صححه الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
وهنا مسألتان:
المسألة الأولى: من خشي على نفسه الهلاك إذا اغتسل في البرد الشديد هل يتيمم؟
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أنه يتيمم، فهذا عذر، والدليل ما فعله عمرو بن العاص.
أما إذا استطاع أن يستعمل الماء بأي طريقة من الطرق، كأن يسخن الماء فيجب عليه أن يسخن الماء، وكذلك إن كان سيتضرر إذا اغتسل عند خروجه فيقال له: اغتسل وصل في بيتك لأن هذا شرط في صحة الصلاة، أو يستطيع أن يغتسل ويتنشف ولا يتضرر، فيقال له: اغتسل وتنشف قبل أن تخرج من الحمام.
وكذلك: إذا خشي الضرر اليسير فلا يتيمم، لأن المقصود الضرر الشديد، وإن شك في حصول الضرر فأنه يغتسل لأنه الأصل فلا يسقط الشك.
وهل يلزم عليه إعادة الصلاة إذا اعتدل الجو.
على قولين:
الأول: يعيد الصلاة، لأن الذي يصلي بالتيمم ولا يعيد الصلاة هو الذي لم يجد الماء أو المريض.
الثاني: لا يعيد الصلاة، لأنه صلى بطهارة شرعية فاقتضى ذلك صحة الصلاة فلا إعادة عليه.
وأيضًا النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر عمرو بن العاص أن يعيد الصلاة، وهو وإن لم يكن مريضًا لكن خشي على نفسه إن اغتسل أن يمرض فهو مريض حكمًا وإن لم يكن مريضًا حقيقة، وهذا أرجح، والله أعلم.
المسألة الثانية: هل الجنب إذا كان مريضًا أو خشي على نفسه الضرر ولا يستطيع أن يغتسل ويستطيع الوضوء فهل يلزمه؟
الصحيح من أقوال أهل العلم أنه يلزمه الوضوء مع التيمم.
لأنه على حدثين أصغر وأكبر وليس عاجزًا عن رفع الحديث الأصغر، فيلزمه أن يتوضأ.
وأيضًا في حديث عمرو بن العاص بمجموع الطرق أنه يجمع بين الوضوء والتيمم.
بَابُ المَجرْوحِ يَتَيَمَّمُ
من أصابته الجراحة جاز له التيمم لرفع الحديث الأصغر أو الأكبر.
وجاء في بعض النسخ «المجدور يتيمم» أي: من أصابه الجدري، والترجمة الأولى أنسب للحديث الذي ذكره.