المبحث الرابع خطبة المرأة.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: معنى الخطبة([1]).
الخِطبة: بكسر الخاء: مقدمات الكلام في أمر النكاح. أو هي التماس الخاطب النكاح من جهة المخطوبة أو هي ما يجري من المراجعة والمحاولة للنكاح.
يقول: خطب المرأة خطبه واختطبها: إذا طلب أن يتزوجها.
وهي مشروعة بالكتاب والسنة:
قال تعالى: ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا عَرَّضۡتُم بِهِۦ مِنۡ خِطۡبَةِ ٱلنِّسَآءِ ﴾ [البقرة: ٢٣٥].
وعن أم سلمة J قالت: إن رسول الله H أرسل إليَّ حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له([2]).
المسألة الثانية: النظر إلى المرأة قبل الخطبة([3]).
تمهيد: يكون النظر إليها بعد عزمه على النكاح لأنه قبل العزم لا حاجة إليه وقبل الخطبة لأنه بعد الخطبة قد يفضي الحال إلى الترك فيشق عليها وتتأذى وقد جاء عن محمد بن مسلمة I أن رسول الله H قال: «إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها»([4]).
وقد اختلف العلماء في حكم نظر الرجل إلى المرأة التي يريد خطبتها:
القول الأول: يستحب له النظر إليها إذا أمكنه ذلك.
وهو وجه للمالكية والصحيح عند الشافعية ووجه للحنابلة.
دليلهم: الأول: أنه جاء الأمر به في عدة أحاديث منها: حديث أبي هريرة I أن رجلا تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله H: «أنظرت إليها؟» قال: لا. قال: «فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا»([5]).
الثاني: لما فيه من مصلحة فهو وسيلة إلى حصول الألفة والمودة والموافقة الداعية إلى تحصيل المقاصد المطلوبة ولا يندم بعد ذلك، فعن المغيرة بن شعبة قال: أتيت النبي H فذكرت له امرأة خطبتها فقال: «اذهب فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما» قال: فأخبرت أبويها بقول رسول الله H فكأنهما كرها ذلك فسمعت المرأة وهي في خدرها فقالت: إن كان رسول الله H أمرك أن تنظر فانظر فنظرت إليها فتزوجتها([6]).
فعلل الأمر به بقوله: «فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» أي: أحرى أن تدوم المودة والألفة بينكما.
القول الثاني: يباح النظر إليها ولا يصل إلى درجة الاستحباب.
وهو ظاهر كلام الحنفية والمذهب عند المالكية ووجه للشافعية والمذهب عند الحنابلة.
دليلهم: أن الأمر هنا بالنظر إنما هو أمر بعد حظر حيث منع من النظر لأنها أجنبية ثم أمر به والأمر بعد الحظر يفيد الإباحة فقط.
الترجيح: الراجح القول الأول أن النظر إليها سنة مستحبة للأمر به.
والرد على قولهم: إنه أمر بعد الحظر فيفيد الإباحة بالتالي:
الأول: أن هذا ليس من باب الأمر بعد الحظر بل هو من باب العام والخاص، فالنهي عن النظر إلى المرأة الأجنبية عام خص الشرع من هذا العموم النظر إلى المرأة التي يريد الرجل الزواج بها فأجازه وأمر به.
الثاني: أنه لا يلزم في كل مرة أن يفيد الأمر بعد النهي الإباحة بل قد يفيد الاستحباب كقوله H: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة»([7]). فزيارة القبور هنا أُمر بها بعد نهي لكنه أمر للاستحباب لما فيه من مصلحة تذكر الآخرة وكذلك الأمر هنا.
فائدة1: لا يجوز للرجل الخلوة بها حال النظر إليها لأنها محرمة عليه ولم يرد الشرع بإباحة غير النظر ولأنه لا يؤمن مع الخلوة مواقعة المحظور وهذا المنع عليه اتفاق العلماء([8]).
فائدة2: يجوز له الكلام معها عند النظر إليها بحسب الحاجة لأنه إذا جاز النظر فالكلام من باب أولى فالنظر أشد من الكلام([9]).
المسألة الثالثة: تكرار النظر إليها([10]).
الذي عليه أهل المذاهب الأربعة أن له تكرار النظر إلى المرأة حين ظهورها أمامه عند النظر إليها وذلك لكي يتأمل محاسنها ويتبين هيئتها فلا يندم بعد النكاح إذ لا يحصل المقصود أحيانا بأول نظرة ويكون قدر التكرار بحسب حاجته فلو اكتفت حاجته بنظرة واحدة بكونه تبين هيئتها بها حرم عليه الزائد عنها لأنه أبيح للحاجة فيتقيد بها فالضابط الحاجة.
المسألة الرابعة: النظر إليها بلذة وشهوة([11]).
في جوازه خلاف عند أصحاب المذاهب:
القول الأول: لا يجوز له النظر إلى من أراد خطبتها بنظرة لذة وشهوة إنما ينظر إليها دون قصد اللذة والشهوة.
وهو مذهب المالكية ووجه للشافعية ومذهب الحنابلة.
دليله: أن الشرع إنما أباح النظر المجرد فقط فيبقى أمر التلذذ بها أثناء النظر تحت المنع إذ أنها لا زالت أجنبية عنه.
القول الثاني: يجوز له النظر إليها بشهوة أو بغير شهوة.
وهو قول الحنفية والمذهب عندا لشافعية.
دليلهم: الأول: أن رسول الله H أمره بالنظر مطلقا ولم يقيده بكونه بدون شهوة فيبقى على إطلاقه.
الثاني: أن مقصوده إقامة السنة لا قضاء الشهوة.
الترجيح: الراجح جواز النظر إليها مع وجود الشهوة واللذة ولا يقاس على نظر الطبيب أو القاضي إليها لأن النظر للمخطوبة في معرض النكاح يكون مظنة قصد اللذة بخلاف الأول ومع هذا الأحوط له أن ينظر إليها دون تعمد التلذذ بمحاسنها أثناء النظر لعدم وجود الدليل الصريح المحفز لذلك خروجا من الخلاف.
المسألة الخامسة: المرأة التي يشرع له النظر إليها([12]).
الذي عليه فقهاء المذاهب الأربعة أنه إنما يشرع له النظر للتي يغلب على ظنه أنها وأولياءها سيوافقون على تزويجه لأنه إنما أبيح النظر ليكون سببًا للنكاح فإذا غلب على ظنه عدم رضاهم به بقي النظر على أصل المنع وهذا كله إذا عمد إلى النظر إليها دون علمها أو علم وليها أما إذا أذنوا له بالنظر إليها فهذا دليل واضح على قبولهم له.
المسألة السادسة: حكم النظر إلى المرأة بغير إذنها([13]).
هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء:
القول الأول: يكره له النظر إليها دون علمها وإذنها.
وهو المشهور من مذهب المالكية.
دليلهم: الأول: سدا للذريعة مخافة أن يستغله أهل الفساد لنظر محارم الناس بحجة أنهم يريدون الخطبة ومخافة أن يقع نظره على موضع منها لا يجوز له النظر إليه.
الثاني: أنه حق لها فاحتاج إلى إذنها.
القول الثاني: لا بأس بالنظر إليها دون علمها أو إذنها بدون كراهة وهو قول جمهور العلماء وبعض المالكية.
دليلهم: الأول: أن رسول الله H أمر بالنظر إليها وأطلق ولم يشترط إذنها بذلك.
الثاني: أنه قد جاء عن رسول الله H التصريح بإباحة ذلك فعن أبي حميد I قال رسول الله H: «إذا خطب أحدكم امرأة، فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبة، وإن كانت لا تعلم»([14]).
الترجيح: الراجح ما عليه جمهور أهل العلم جواز النظر إليها بدون إذنها وعلمها لقوة د ليلهم.
ثم هل الأولى أن ينظر إليها مع علمها أم بغير علمها؟
قال بعض الفقهاء: الأولى أن ينظر إليها بعلمها خروجا من خلاف الإمام مالك.
وقال بعضهم: الأولى أن ينظر إليها بدون علمها لأنه قد يرى منها ما لا يعجبه فيتركها فينكسر قلبها لذلك وتتأذى([15]).
قلت: الثاني ـ عندي ـ هو الأقرب لأن مصلحته أظهر ولا يلام الأب إذا لم يمكن الخاطب لابنته من النظر إليها لما قد يخشاه الأب من حرج يحصل له أو لابنته بسبب ترك الخاطب لها بعد النظر إليها ولأنه لم يأمره الشرع بإظهارها على الخاطب إنما أمر الشرع الخاطب أن ينظر إليها قبل نكاحها إن استطاع ولو سمح له ولي أمرها بالنظر إليها فلا بأس به ولا مانع منه لأنه نظر أباحة الشرع وسبق نظر المغيرة إلى المرأة التي أراد خطبتها مع وجود والدها.
فائدة: إذا لم يتمكن إلى النظر إليها بعلمها أو خفية فله أن يرسل امرأة تنظر إليها وتصفها له لأنه إذا جاز له النظر إليها فمن باب أولى جواز أن توصف له وقد نص على هذا فقهاء المذاهب الأربعة([16]).
وأفتى بعض الحنفية وبعض الشافعية أنه يجوز له أيضًا إذا تعسر عليه النظر إليها أن ينظر إلى بعض محارمها ـ إن وجد ـ كابن لها أو ابنة صغيرة أو أخ أمرد إذا كانت تشبه أحدهم بشرط أن يكون هذا النظر خاليا من الشهوة ومع أ
أمن الفتنة أيضا([1]).
المسألة السابعة: ما يباح له من النظر إليه من بدنها([2]).
اختلف العلماء في القدر الذي يجوز للخاطب أن ينظر إليه منها:
القول الأول: له النظر إلى جميع بدنها ما ظهر منه وما بطن.
وهو مذهب الظاهرية.
دليلهم: أن رسول الله H أذن بالنظر إلى المخطوبة مطلقا ـ كما في الأحاديث السابقة ـ ولم يستثن أي جزء منها.
القول الثاني: له النظر إلى جميع بدنها ما عدا السوأتين.
وهو قول بعض المالكية ورواية لأحمد ونقله بعضهم عن داود الظاهري.
دليله: الأحاديث المطلقة في النظر إلى المخطوبة وتستثنى السوأتان لأنهما عورة مغلظة.
القول الثالث: يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط.
وهو قول جمهور العلماء فهو المذهب عند الحنفية والمالكية والشافعية ورواية للإمام أحمد واختار هذا القول الشيخ الفوزان.
دليلهم: الأول: أن النظر إلى الأجنبية محرم وإنما يباح هنا للحاجة فيختص بما تدعو إليه الحاجة وتندفع به وهذا يحصل بالنظر إلى الوجه والكفين فالوجه يستدل به على الجمال أو ضده والكفان يستدل بهما على خصوبة البدن أو عدمه.
الثاني: أن الوجه والكفين ليسا بعورة فجاز النظر إليهما دون غيرهما ـ وهذا عند من يرى أنهما ليسا بعورة ـ.
القول الرابع: لا يباح له النظر إلا للوجه فقط.
وهذا وجه للشافعية ورواية للإمام أحمد.
دليله: أن الحاجة هنا تندفع بالنظر إلى الوجه فهو مجمع المحاسن والجمال فيبقى ما عداه على المنع والتحريم.
القول الخامس: للخاطب النظر إلى ما يظهر منها غالبًا أمام محارمها كالوجه والرقبة والكف والقدم ونحو ذلك.
وهو المذهب عند الحنابلة واختاره الألباني وابن باز والعثيمين وشيخنا الوادعي.
دليلهم: الأول: أن النبي H أذن في النظر إليها من غير علمها كما مر من حديث أبي حميد، فعُلم أنه إذن في النظر إلى جميع ما يظهر منه غالبًا إذ لا يمكن إفراد الوجه والكفين بالنظر مع مشاركة غيرهما لهما في الظهور.
الثاني: أن هذا الاختيار يفهم من قول رسول الله H وكذلك فهم منه الصحابة M، فعن جابر I قال: قال رسول الله H: «إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل». قال جابر: فخطبت جارية من بني سلمة، فكنت أختبئ لها تحت الكرب حتى رأيت منها بعض ما دعاني إلى نكاحها، فتزوجتها([3]). فقوله H: «ما يدعوه إلى نكاحها» يعم الوجه والكفين وغيرهما مما يظهر غالبًا وكذلك اختبأ جابر للمرأة ليرى منها ما يدعوه إلى نكاحها.
الثالث: ما جاء عن عمر بن الخطاب أنه خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم M فأرسل بها علي إلى عمر لينظر إليها فكشف عن ساقيها فقالت: لولا أنك أمير المؤمنين للطمت عينيك([4]).
الترجيح: الراجح القول الأخير له أن ينظر لما يظهر منها غالبًا فظاهر الأدلة تساعده وهو وسط بين الأقوال وعليه لا بأس أن ينظر إلى جزء من رأسها.
فائدة: قال ابن القطان الفاسي للمرأة أن تتزين للخاطب الذي طلبها للنكاح ويريد النظر إليها إذا صحت في ذلك نيتها لأنها مأمورة بالنكاح كالرجل ولما تعلت سبيعة الأسلمية من نفاسها تجملت للخاطب فدخل علياه أبو السنابل فقال لها: ما لي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح فسألت رسول الله H فقال لها: «قد حللت حين وضعت حملك» كما ذكره مسلم V وقد علم رسول الله H بصنيعها فلم ينكر عليها صنيعها([5]). اهـ
قلت: وهو مستقيم عندي إذا كان يسيرا دون مبالغة ففيه نفع، وكثيرا ما تحتاج إليه المرأة أما المبالغة في الزينة فلا تشرع والله أعلم لأنها أجنبية منه فالأصل أنه حرام([6]).
المسألة الثامنة: نظر المخطوبة للخاطب([7]).
قال الفقهاء: لها كذلك أن تنظر إليه وتتأمل محاسنه وهيئته كما يفعل للاشتراك في العلة المذكورة في حديث مغيرة السابق «فهو حري أن يؤدم بينكما» أي: لأجل أن يكون مدعاة للموافقة وحصول الألفة بعد ذلك، ولأنه يعجبها منه ما يعجبه منها، بل هي أولى منه في ذلك لأنه يمكنه مفارقة من لا يرضاها بيسر بخلافها.
وقال الصنعاني: لم يرد به حديث والأصل تحريم نظر الأجنبي والأجنبية إلا بدليل. اهـ
قلت: والأصح جوازه للتعليلات السابقة.
المسألة التاسعة: لبس دبلة الخطوبة وإعطاء المخطوبة ما يسمى بالشبكة.
سئلت اللجنة الدائمة في السعودية عن حكم خاتم أو دبلة الزواج التي يقوم كل من الزوج والزوجة بارتدائها ويكتب على دبلة الرجل اسم الزوجة وعلى دبلة المرأة اسم الزوج مع تاريخ الخطوبة وهل قول الرسول H: «التمس ولو خاتما من حديد» دليل على جواز لبس دبلة الزواج؟
فأجابت: أولا: ما ذكرت من لبس الخاطب والمخطوبة أو الزوجين خاتم أو دبلة الخطوبة أو الزواج على الوصف المذكور ليس له أصل في الإسلام، بل هو بدعة، قلد فيها جهلة المسلمين وضعفاء الدين الكفار في عاداتهم، وذلك ممنوع؛ لما فيه من التشبه بالكفار، وقد حذر منه النبي H.
ثانيا: ليس في قول النبي H لبعض الصحابة: «التمس ولو خاتما من حديد» دليل على مشروعية ما ذكرت؛ لأنه H طلب ذلك منه ليكون مهرا لمن رغب في تزوجها([8]).
وقال الشيخ الألباني: ويرجع ذلك إلى عادة قديمة لهم ـ أي: النصارى ـ عندما كان العروس يضع الخاتم على رأس إبهام العروس اليسرى ويقول: باسم الابن، ثم يضعه على رأس الوسطى ويقول باسم روح القدس، وعندما يقول: آمين، يضعه أخيرا في البنصر حيث يستقر. فعلى المسلمين البعد عن مشابهة النصارى في هذه الخصلة الذميمة([9]).
قلت: فتترك لما فيها من تشبه بعادات الكفرة في هذا الموطن.
وأما ما يعرف بالشبكة، فقال العثيمين: أما الشبكة فهي عبارة عن هدية يعطيها الخاطب مخطوبته إشارة إلى أنه راض بها وراغب فيها فلا بأس لأن الناس ما زالوا يفعلون ذلك وإن كانت باسم آخر([10]).
المسألة العاشرة: خطبة المعتدة من وفاة زوجها([11]).
أجمع العلماء على جواز التعريض بخطبتها في أثناء عدتها.
والتعريض هو: إفهام المعنى بالشيء المحتمل له ولغيره، فيحوم به على الشيء ولا يظهره. وغرضه: أن يُفهم مراده لا ليجاب. وذلك كقوله لها: إني أريد أن أتزوج، ووددت أن الله رزقني امرأة صالحة، إذا حللت فآذنيني، أنت مرغوب فيك، ويقول لوليها نحو ذلك، قال تعالى: ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ فِيمَا عَرَّضۡتُم بِهِۦ مِنۡ خِطۡبَةِ ٱلنِّسَآءِ ﴾ [البقرة: ٢٣٥]. وأجمعوا على أنه لا يجوز له التصريح بخطبتها في عدتها كقوله لها: إذا انقضت عدتك تزوجتك، لأن الله تعالى لما خص التعريض بالإباحة دل ذلك على تحريم التصريح فجعل التعريض لا جناح فيه دليل على أن التصريح فيه جناح ولؤم وحرج فهو آثم. ولأن التصريح لا يحتمل غير النكاح فلا يؤمن أن يحملها الحرص عليه على الإخبار بانقضاء عدتها قبل انقضائها.
تنبيه: من لا يستطيع التمييز بين التعريض والتصريح لا يباح له استخدام هذه الألفاظ معها([12]).
المسألة الحادية عشر: خطبة من فارقها زوجها أثناء العدة([13]).
هذه المسألة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: خطبة المعتدة من طلاق رجعي.
وهي التي طلقها زوجها الطلقة الأولى أو الثانية فيستطيع شرعا مراجعتها في عدتها وهذه لا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز لأحد التصريح بخطبتها ولا التعريض لأنها ما زالت زوجة لمطلقها.
القسم الثاني: خطبة المعتدة البائن بطلاق ثلاث
اتفق العلماء على أنه لا يجوز التصريح بخطبتها. واختلفوا في التعريض لها بالخطبة:
القول الأول: لا يجوز لأحد التعريض بخطبتها.
وهو المذهب عند الحنفية ووجه للشافعية.
دليله: الأول: أن الشرع نص على جواز التعريض بخطبة المتوفى عنها زوجها فقط ولم يأت دليل على جوازه في غيرها فيبقى على المنع.
الثاني: ما فيه من إيراث العداوة بين المطلق والخاطب بخلاف الميت فإن النكاح قد انقطع فلا عداوة من الميت ولا ورثته.
الثالث: أنها مطالبة بالبقاء في منزلها ولا يجوز لها الخروج منه أصلا، فلا يتمكن بالتالي من التعريض لها وذهابه إلى بيت مطلقها قبيح.
القول الثاني: يجوز لمن أراد خطبتها التعريض لها بالخطبة وكذلك في كل فسخ لا يمكن لزوجها بسببه العودة لنكاحها كفسخ بلعان أو رضاع.
وهو مذهب جمهور العلماء فهو قول المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية وبعض الحنفية.
دليله: الأول: حديث فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثا، فلم يجعل لها رسول الله H سكنى، ولا نفقة، قالت: قال لي رسول الله H: «إذا حللت فآذنيني»، فآذنته، فخطبها معاوية، وأبو جهم، وأسامة بن زيد، فقال رسول الله H: «أما معاوية فرجل ترب، لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء، ولكن أسامة بن زيد» فقالت بيدها هكذا: أسامة، أسامة، فقال لها رسول الله H: «طاعة الله، وطاعة رسوله خير لك»، قالت: فتزوجته، فاغتبطت([14]).
فقوله: «إذا حللت فآذنيني»، وفي رواية: «ولا تسبقيني بنفسك» تعريض بخطبتها وهي في عدتها.
الثاني: أنها لا تحل لمفارقها وهو صاحب العدة فلم يعد له فيها مطمع حاليا فشابهت المتوفى عنها زوجها.
الترجيح: الراجح ما عليه جمهور العلماء يجوز التعريض لها بالخطبة في عدتها لصحة ما اعتمدوا عليه وأما بقاء المطلقة ثلاثا في بيت مطلقها في العدة فالصحيح أنها لا سكنى لها عليه. وعلى القول بلزومه على مطلقها فيستطيع الخاطب التعريض لها إذا خرجت لضرورة أو عن طريق الرسل والرسائل أو بالهاتف حاليا.
القسم الثالث: خطبة المعتدة من فُرقة يحل لصاحب العدة نكاحها وهذه كالبائن بخلع أو بفسخ بسبب ردة أو عيب أو إعسار بنفقة أو غيره.
وقد اختلف الفقهاء في جواز التعريض لها بالخطبة في أثناء عدتها:
القول الأول: لا يجوز لغير صاحب العدة التعريض بخطبتها.
وهو قول الحنفية وقول للشافعية ورواية لأحمد.
دليله: الأول: الأدلة السابقة في القسم الثاني. وأيضا لأن زوجها يملك نكاحها بعقد جديد فأشبهت المعتدة من طلاق رجعي.
القول الثاني: يجوز لمن أراد نكاحها أن يعرض لها بالخطبة في عدتها.
وهو المذهب عند المالكية والأظهر عند الشافعية والمذهب عندا لحنابلة.
دليله: أنها بائن فيكون سلطان الزوج وحق الزوج قد انقطع فأشبهت المطلقة ثلاثا.
الترجيح: القول الثاني القائل بالجواز أقرب لتقارب معناه مع معنى خطبة البائن بينونة كبرى كما سبق.
وأدلة أصحاب القول الأول يمكن نستفيد منها أن الأفضل والأحوط ترك التعريض بخطبتها.
تنبيه: أما المفارق لها وهو صاحب العدة فيجوز له التعريض والتصريح لها بالرغبة في العودة إلى نكاحها وهذا لا إشكال فيه.
المسألة الثانية عشر: الخطبة على خطبة المسلم الصالح([15]).
وفيه اختلاف يسير:
القول الأول: يكره له ذلك وليس بمحرم.
وهو قول الخطابي من الشافعية وأبي حفص العكبري من الحنابلة.
دليلهم: أن النهي هنا من باب الأدب فيكون للكراهة فقط.
القول الثاني: يحرم ذلك إلا أن يترك الخاطب الأول أو يأذن له وهو قول جمهور العلماء ونقل بعضهم عليه الإجماع.
دليلهم: ظاهر النهي عن ذلك فإنه يقتضي التحريم فعن ابن عمر L قال: قال رسول الله H: «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب»([16]).
وعن أبي هريرة I قال: قال رسول الله H: «ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك»([17]).
ولأنه نهي عن الإضرار بالآدمي المعصوم فاستحق أن يكون محرما.
الترجيح: الراجح مذهب جمهور العلماء أن النهي هنا للتحريم وهذا واضح لا شك فيه.
تنبيه (1): إذا خطب الثاني على خطبة الأول فالمطلوب من المخطوبة وأوليائها عدم موافقته إيفاء بالوعد وحفاظا على الحقوق وأشار بعض الفقهاء إلى أنه يحرم رد الأول إذا كان رده لأجل خطبة الثاني([18]).
تنبيه (2): إذا غاب الخاطب الأول مدة طويلة وتضررت المرأة جاز للثاني أن يتقدم لخطبتها ذكره بعض الشافعية وبعض الحنابلة([19]).
قلت: وهو جيد.
فائدة: استدل بعض أهل العلم بهذه الأحاديث على تحريم خطبة المرأة على خطبة امرأة أخرى إلحاقا لحكم النساء بحكم الرجال وذلك كأن يخطب الرجل امرأة فتأتي أخرى فتزهد بالأولى وترغب بنفسها وهذا يتصور فيما إذا كان عزم على ألا يتزوج إلا بواحدة وأما إذا كان يطمع باثنتين فلا يحرم([20]).
قلت: الاستدلال به ظاهر للاشتراك في العلة وهي الإيذاء والتعدي على حق الغير.
المسألة الثالثة عشر: حكم نكاح من خطب على خطبة أخيه المسلم([21]).
اختلف الفقهاء فيما إذا تزوجها الخاطب الثاني المتعدي هل يفسخ نكاحه:
القول الأول: يفسخ نكاحه سواء دخل بها أم لم يدخل بها بعد.
وهو قول للمالكية ورواية لأحمد وقول داود الظاهري.
دليله: أن رسول الله H حرم خطبة الرجل على خطبة أخيه فهو تحريم للعقد بطريق الأولى والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
القول الثاني: يفسخ النكاح إذا كان قبل دخوله عليها ولا يفسخ إذا كان بعد دخوله عليها.
وهو قول للمالكية ذكره بعضهم أنه المشهور عن مالك.
دليله: أن فسخ النكاح قبل الدخول ليدرك العمل على سنته وكمال حسنه كما في باب إعادة الصلاة في الوقت.
القول الثالث: لا يفسخ النكاح مطلقا وإن كان عاصيا بفعله هذا وهو قول جمهور أهل العلم.
وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وقول للمالكية والمذهب عند الحنابلة.
دليله: أن الخطبة ليست شرطا في صحة النكاح حتى يفسد النكاح بفسادها فالنهي متعلق بالخطبة دون النكاح فلم يقتضي فساد عقد النكاح.
الترجيح: الراجح لا يفسخ النكاح مطلقا كقول الجمهور فالنهي هنا نهي خارج عن عقد النكاح فلم يؤثر فيه.
المسألة الرابعة عشر: إذا كان الخاطب الثاني أفضل دينا من الأول([22]).
اختلف الفقهاء: هل يجوز للثاني الخطبة على خطبة الأول في هذه الحالة أم لا؟
القول الأول: يجوز الخطبة على خطبته إذا كان أفضل منه دينا وأحسن منه صحبة.
وهو قول ابن حزم.
دليله: الأول: حديث فاطمة بنت قيس السابق حيث دلها رسول الله H على أسامة بن زيد مع أنها قد أخبرته أن أبا جهم ومعاوية خطباها وقد كان معاوية فتى من قريش وأسامة مولى كلبي فبالضرورة نعلم أنه لا فضل له عليه إلا بالدين فقدم أسامة عليه لأنه أفضل منه دينا.
الثاني: حديث أبي رقية أن رسول الله H قال: «الدين النصيحة» قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»([23]). فمن النصيحة أن يخطبها من هو أحسن وأفضل من الذي خطبها قبله أما إن ترك خطبتها من أجل الخاطب قبله في هذه الحالة فما نصح للمسلمة.
القول الثاني: يجوز أن يخطب عليه إذا كان مرضي الدين والخاطب الأول غير مرضي الدين.
وهو المشهور عند المالكية. وقال ابن حجر: هو متجه فيما إذا كانت المخطوبة عفيفة.
دليله: أن الفاسق لا يكون كفأ للعفيفة فتتضرر بقبوله فتكون خطبته كلا خطبة ويحمل حديث النهي عن الخطبة على خطبة الأول فيما إذا كانا متكافئين في الدين أما إذا كان الأول فاسقا والثاني صالحا فلا.
القول الثالث: لا يجوز أن يخطب على خطبة أخيه المسلم ولو كان الخاطب الأول فاسقا والثاني صالحا.
وهو قول جمهور العلماء.
دليله: أن عموم النهي في الأحاديث التي فيها النهي عن الخطبة على خطبة المسلم تقتضي أنه لا فرق بين الخاطب الفاسق والصالح والفاضل والمفضول.
الترجيح: الأقرب عندي القول الأخير وهو عدم جواز الخطبة على خطبة الأول ولو كان فاسقا لعموم النهي. وأما حديث فاطمة فليس فيه أنها وافقت على خطبة معاوية حتى نقول إن رسول الله H خطب على خطبته وبالتالي يجوز خطبة الفاضل على خطبة المفضول ـ وسيأتي المزيد حوله قريبا ـ
وأما النصيحة لها هنا فتكون بإخبارها أو إخبار وليها بأن من وافقوا على خطبته غير مرضي في دينه وأنه ليس كفئا لها وإن احتاجوا إلى ذكر بعض مساويه ذكرها لهم من باب النصيحة المطلوبة لا لأجل الطمع بها فإن تركوه بعد ذلك بقناعة منهم جاز له أن يتقدم لخطبتها([24]).
فائدة: قال الشافعية والحنابلة على من استشير في خاطب أو مخطوبة أن يذكر ما فيه من مساوئ إن طلب منه ذلك بصدق ليحصل الحذر ولا يكون من الغيبة المحرمة إذا قصد به بذل النصيحة لا الإيذاء لحديث فاطمة بنت قيس السابق فقد جاءت مستشيرة رسول الله H فذكر لها ما في معاوية وأبي جهم L وأشار عليها بما هو الأولى. وكذلك حديث: «الدين النصيحة» وقال بعضهم إن محل ذكر المساوئ عند الاحتياج إليها فإن اندفع بدونه بأن اكتفوا بقوله «لا يصلح لكم مصاهرته» ونحوه وجب الاقتصار عليه وإذا احتاج الأمر إلى ذكر بعض مساويه حرم عليه ذكر شيء من بقية المساوئ([25]).
قلت: وهذا واضح من باب أن الحاجة تقدر بقدرها.
المسألة الخامسة عشر: خطبة المسلم على خطبة غير المسلم([26]).
هذه المسألة تتصور فيما إذا كانت المخطوبة كتابية وكان المتقدم الأول لها كافرا ذميا أو معاهدا والخاطب الثاني مسلما.
وقد اختلف الفقهاء هل يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة الكافر قبله:
القول الأول: يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة غير المسلم.
وهو مذهب الحنابلة وبعض الشافعية.
دليلهم: الأول: أن النهي عن خطبة الثاني على خطبة الأول في الأحاديث السابقة جاء فيها على خطبة أخيه مفهومه جواز الخطبة على خطبة الكافر لأن الكافر لا يكون أخا للمسلم فالأخوة هنا هي أخوة الدين.
الثاني: أن إلحاق غير المسلم بالمسلم إنما يصح إذا كان مثله وليس الكافر كالمسلم ولا حرمته كحرمته.
القول الثاني: لا يجوز للمسلم أن يخطب على خطبة غير المسلم إذا خطب قبله.
وهو مذهب جمهور أهل العلم
دليلهم: الأول: أن غير المسلم له حقوق أيضًا فيدخل في عموم النهي والتقييد في الأحاديث السابقة بالأخوة خرج مخرج الغالب لا لتخصيص المسلم به فالغالب أن الخاطب يكون مسلما ويخطب مسلمة، والقيد إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له، وهذا كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تُكۡرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمۡ عَلَى ٱلۡبِغَآءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنٗا ﴾ [النور : ٣٣] فقيد المنع فيما إذا أردن التحصن لكن هذا القيد لا مفهوم له لأن الفتاة إذا لم ترد التحصن فلا يجوز أيضًا جرها إلى البغاء وإنما خرج هذا القيد مخرج الغالب فالغالب عدم رغبتهن بالبغاء لولا الإكراه والإجبار.
الثاني: أن في خطبتنا على خطبة غير المسلم مضرة على الإسلام فيظن غير المسلم أن الإسلام دين اعتداء على الغير وعدم احترام للحقوق فما دام أنه كفء لها في دينها ووافقت عليه فلا يعتدى على حقه.
الترجيح: الراجح يدخل غير المسلم فيه أيضًا كما ذكره جمهور العلماء لما ذكروه من الأدلة.
المسألة السادسة عشر: إذا خطبها الأول ولم يحصل الركون إليه أو حصل الركون إليه تعريضا لا تصريحا([1]).
هذه المسألة على صورتين:
الأولى: أن يتقدم شخص لخطبة امرأة فلا يحصل منها أو من أوليائها ركون وميل إليه لكنهم لم يصرحوا بالرد والرفض.
والثانية: أن يجيبوا عليه بالتعريض الذي يشعر بالرضى والركون كأن يقال له: مثلك لا يرجع، لا رغبة عنك، ما أنت إلا رضي، ولا يصرحوا له بالموافقة والرضى.
فهل يجوز لخاطب آخر أن يتقدم لخطبتها في هاتين الصورتين؟
فيه خلاف عند العلماء:
القول الأول: لا يجوز لآخر أن يخطب على خطبته سواء ركنا وتقاربا أو لم يكن شيء من ذلك إلا إذا صرحت برده أو ترك أو أذن لغيره.
وهو قول ابن حزم الظاهري.
دليله: عموم النهي عن الخطبة على خطبة الغير ومن قال: إن ذلك إذا ركنا وتقاربا فدعوى فاسدة لأنه لم يعضدها قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا نظر صحيح.
وأما خطبة رسول الله H فاطمة لأسامة بن زيد مع إخبارها له أن أبا جهم ومعاوية خطباها فذلك لأن أسامة أفضل منهما دينا وليس في كلامها أنها لم تركن لواحد منهما.
القول الثاني: يجوز له أن يخطب على خطبته ولو أجابت المرأة أو أولياؤها بالتعريض المشعر بالرضى والسكون له ما لم يصرحوا بإظهار الرضى والركون إليه.
وهو مذهب المالكية والحنفية والأصح عند الشافعية ورواية لأحمد.
دليلهم: حديث فاطمة بنت قيس حيث خطبها رسول الله H لأسامة بن زيد بعد أن أخبرته أن معاوية وأبا جهم خطباها.
ووجه الدلالة فيه: أن الظاهر من كلامها ركونها إلى أحدهما إلا أن هذا الركون كان تعريضا لا تصريحا إذ لو كانت صرحت بقبولها لأحدهما لما خطبها رسول الله H لأسامة لأنه قد نهى عن الخطبة على خطبة الغير.
القول الثالث: إذا لم يظهر منهم الركون إليه والرضى به لا تعريضا ولا تصريحا جاز للغير أن يخطب على خطبته، أما إذا أجابوا بما يدل على الركون إليه ولو تعريضا لم يجز الخطبة على خطبته.
وهذا المذهب عند الحنابلة وقول للشافعية.
دليله: عموم النهي عن الخطبة على خطبة الغير فيدخل فيه ما دل على الرضى والسكون بالتعريض كالتصريح، والرضى والركون يستدل عليه بالتعريض كما يستدل عليه بالتصريح.
وأما حديث فاطمة بنت قيس السابق فلا حجة فيه على جواز الخطبة على خطبة الغير إذا عرضوا له بالإجابة وذلك من ثلاثة أوجه:
الأول: أن كلامها ليس فيه أنها ركنت إلى أحدهما تعريضا أو تصريحا إنما هو مجرد ظن فيبقى النهي على عمومه دون استثناء.
الثاني: أنه لا يظن بها أبدا أن تجيب أحدهما بالرضى ولو تعريضا بعد أن قال لها رسول الله H: «لا تسبقيني بنفسك» وفي رواية: «إذا حللت فآذنيني» فلم تكن لتجيب تصريحا ولا تعريضا حتى تؤذن رسول الله H وأنها إنما ذكرت له أمر خطبتها لترجع إلى قوله ورأيه.
الثالث: على فرض أنها ركنت لأحدهما إما تصريحا وإما تعريضا فرسول الله H لم يخطبها لأسامة إنما أشار عليها به لأنها جاءت مستشيرة له فأشارها بما هو أولى. وعلى تقدير أن يكون خطبها لأسامة فلعله لم يفعل ذلك إلا بعد أن ظهر له منها عدم الرغبة بهما بعد ما سمعته من رسول الله H فيهما فخطبها بعدها لأسامة فلا يكون خطبها له على خطبتهما.
وأما خطبة معاوية وأبي جهم فلعلهما خطباها معا أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول أو لأنها لم تركن للأول فتقدم الثاني.
ويستفاد من قصة فاطمة أنه يجوز خطبة الثاني على خطبة الأول إذا لم يحصل الركون إلى الخاطب الأول لما سبق أن فاطمة خطبها أبو جهم ومعاوية ولم تكن لتركن وتسكن لهما أو لغيرهما بعد مقولة رسول الله H السابق لها.
ولأن الخاطب هنا لم يبطل حقا تقرر بينهما حتى ينهى عنه.
الترجيح: الراجح المذهب الثالث جواز الخطبة على خطبة الغير في الصورة الأولى وهي التي لم يحصل فيها من المخطوبة ركون إليه وإن لم يصرحوا بالرد وعدم جواز الخطبة على خطبة الغير في الصورة الثانية وهي التي فيها تعريض المخطوبة بالركون إلى الخاطب الأول دون التصريح له بذلك لقوة دليل أهل هذا التفصيل.
فائدة: إذا عرض الخاطب الأول بخطبة امرأة ولم يصرح لم يحرم على الثاني خطبتها ففي قصة فاطمة خطبها أبو جهم ومعاوية مع قول رسول الله H لها: «لا تسبقيني بنفسك» ولم ينكر عليهما.
قاله الحنابلة([2]).
قلت: وهو وجيه بغض النظر عن حديث فاطمة السابق، فربما امتنع الخطاب عنها لتعريض الأول بخطبتها وهو لا يزال مترددا ولم يجزم بإرادة خطبتها فتتضرر المرأة بالانتظار وتفويت الخطاب.
المسألة السابعة عشر: إذا لم يعلم الخاطب الثاني هل وافقت المخطوبة على الخاطب الأول أم لا، وكذلك لو سكتت([3]).
اختلفوا إذا لم يعلم الثاني بموافقة المخطوبة من عدمه هل له التقدم لخطبتها أم لا؟
القول الأول: لا بأس أن يتقدم الثاني لخطبتها في هذه الحالة.
وهو قول الشافعية والصحيح عند الحنابلة.
دليلهم: الأول: ما سبق من حديث فاطمة أنها أخبرت رسول الله H بخطبة معاوية وأبي جهم لها ولكنها لم تخبره برضاها بواحد منهما فلهذا خطبها لأسامة ولو أخبرته أنها وافقت على أحدهما لما خطبها رسول الله H لأسامة.
الثاني: أنه معذور بجهله والأصل عدم الموافقة.
الثالث: أن الأصل الإباحة فخطبتها مباح للجميع فلم تمنع إلا ببينة.
القول الثاني: لا يجوز له التقدم لخطبتها في هذه الحالة حتى يظهر له عدم ركون المرأة إلى الخاطب الأول.
وهو وجه للحنابلة ورجحه الشيخ ابن عثيمين.
دليله: الأول: النهي عن خطبة المسلم على خطبة أخيه إلا إذا أذن الأول أو رد ففي الحديث قال: «ما لم يأذن أو يُرد» وهنا لم يظهر لنا أنه رد حتى يؤذن للثاني بالخطبة.
الثاني: أن فيه اعتداء على حق الغير فربما تكون المرأة أو أولياؤها ركنوا إلى الخاطب الأول فإذا جاءت خطبة الثاني عدلوا عنه.
الترجيح: الراجح القول الثاني أنه لا يجوز للثاني الخطبة هنا ولا يعذر بجهله لأن الواجب عليه أن يتبين أولا والأصل هنا المنع وليس الإباحة لعموم النهي عن الخطبة على خطبة الغير.
وأما فاطمة فخطبها لأسامة لأنه يعلم أنها لن تجيب أحدا بالرضى وقد قال لها: لا تسبقه بنفسها.
وأما إذا خطبها الأول فسكتت المرأة أو أولياؤها فهل للثاني أن يتقدم لخطبتها؟
فيه ثلاثة أقوال عند الفقهاء:
الأول: يجوز أن يخطبها الثاني في هذه الحالة لأن سكوتها أو سكوت أوليائها ليس بإجابة والخطبة هنا لا تبطل شيئا ولأنه لا ينسب إلى ساكت قول فاقتضى هذا ترجيح الجواز إلا إذا كان السكوت من بكر فهو رضا بالخاطب فرضاها سكوتها.
وهذا الأصح عند الشافعية وقول بعض الحنفية وبعض الحنابلة.
الثاني: لا يجوز أن يخطب على خطبتها لعموم النهي عن الخطبة على خطبة الغير.
وهو وجه للشافعية وقول ابن حزم.
الثالث: الأمر يرجع إلى قرائن الأحوال فإن علم من سكوتها ركون قلبها إلى الخاطب فلا يجوز الخطبة على خطبته لأن هذا السكوت في هذه الحالة بمنزلة التصريح بالرضا وإذا لم يعلم ركون قلبها إلى الأول بقرائن الأحوال جاز الخطبة على خطبته.
وهو قول بعض الحنفية وظاهر قول بعض المالكية.
والراجح عندي: القول الثالث أنه بحسب القرائن وإن لم يفهم من القرائن ركونها من عدمه أو شككنا فلا يجوز التقدم لخطبتها لأن الأصل المنع حتى يتبين الحال([4]).
المسألة الثامنة عشر: فسخ الخطبة وما دفعه الخاطب لمخطوبته([5]).
قال الفقهاء: يجوز للخاطب والمخطوبة العدول عن الخطبة لأنه لم يوجد العقد فلا إلزام ولا التزام فهي ليست بعقد شرعي بل هي مجرد وعد فالحق بعد لم يلزم.
ثم إذا كان الفسخ بلا سبب وعذر فهو مكروه لما فيه من إخلاف الوعد والرجوع عن القول بلا سبب.
وأما إذا كان لعذر وسبب فلا كراهة لأنه عقد عمر يدوم الضرر فيه.
وأما ما قدمه الخاطب من مهر فله أن يسترده باتفاق الفقهاء سواء كان العدول من جانب الخاطب أو المخطوبة وسواء كان المهر قائما أم هالكا أم مستهلكا وفي حال الهلاك أو الاستهلاك يرجع بقيمته أو بمثله إن كان له مثل لأن هذا المهر إنما دفع لأجل النكاح ولم يحصل النكاح فهو معاوضة ولم تتم فجاز الاسترداد.
وأما بالنسبة لما أهدي لها أثناء الخطبة فعند أهل المذاهب الأربعة الآتي:
أولا: مذهب الحنفية:
إذا خطبها فلم يزوجها أبوها أو أبت هي فما بعثه الخاطب على أنه من المهر فيرد له مطلقا وما بعثه على أنه هدية وليس من المهر فإن كان قائما باقيا فيرد له وإن كان هالكا أو مستهلكا فلا يرد له لأنه في معنى الهبة فالهلاك والاستهلاك مانع من الرجوع بها([6]).
ثانيا: مذهب المالكية:
إذا كان الرجوع عن الخطبة من جهته فلا رجوع له بالهدية وإن كان الرجوع عن الخطبة من جهتها فعلى رأيين:
الأول: لم يرجع عليها بالهدية.
والثاني وهو المعتمد: أنه يسترد ما أهداه لها وهذا حق وعدل لأن الذي أعطى لأجله لم يتم([7]).
ثالثا: مذهب الشافعية:
إذا خطب امرأة ثم أنفق عليها ليتزوجها فله الرجوع بما أنفق على من دفعه له سواء كان مأكلا أم مشربا أم ملبسا أم حليا سواء رجع هو أم مجيبه أم مات أحدهما لأنه إنما أنفقه لأجل تزوجها فيرجع به إن بقي ويبدله إن تلف.
وأيضا دفع الخاطب بنفسه أو وكيله أو وليه شيئا من مأكول أو مشروب أو نقد أو ملبوس لمخطوبته أو وليها ثم حصل إعراض من الجانبين أو من أحدهما أو موت لهما أو لأحدهما رجع الدافع أو وارثه بجميع ما دفعه إن كان قبل العقد مطلقا([8]).
رابعا: مذهب الحنابلة:
هدية الزوجة ليست من المهر فإن كانت قبل العقد وحصل العدول من قبلها ترد هديته لأنه بذلها لأجل النكاح ولم يحصل وإن كان الإعراض منه فلا رجوع له، وقال ابن تيمية: ما قبض بسبب النكاح فكمهر([9]).
الترجيح: الراجح عندي أنه إذا أعطاها على أساس أنها من المهر فترجع إليه سواء كان الفسخ منه أو منها كما سبق في المهر، وإذا لم يكن من المهر فإن كان الفسخ منها فترد هديته لأنه إنما أهداها لأجل يتحصل على نكاحها فإذا انعدمت هذه العلة رجع بهديته، وأما إذا كان الفسخ منه فلا ترد هديته لعدم جواز الرجوع في الهبة وأيضًا لما في تركه من مصلحة جبر خاطرها وتخفيف تألمها وكذلك أولياؤها وهذا يتفق مع مذهب المالكية والحنابلة.
([1]) مراجع: حاشية ابن عابدين (5/177)، بداية المجتهد (2/3)، الاستذكار (16/8)، حاشية الخرشي (4/128)، شرح مسلم للنووي (9/168)، مغني المحتاج (3/177)، فتح الباري (10/250)، المغني (9/567)، الإنصاف (8/35)، كشاف القناع (5/19)، المحلى مسألة (1876).
([2]) انظر المغني (9/567)، كشاف القناع (5/19).
([3]) مراجع: فتح الباري (10/251)، روضة الطالبين (5/378)، النجم الوهاج (7/41)، الإنصاف (8/36)، كشاف القناع (5/19)، الشرح الممتع (12/31).
([4]) راجع: حاشية ابن عابدين (5/177)، حاشية الخرشي (8/129)، مغني المحتاج (3/177)، الإنصاف (8/36)، المحلى مسألة (1876).
([5]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/226)، حاشية الدسوقي (3/7)، كشاف القناع (5/19)، الفقه الإسلامي وأدلته (9/6509)، خطبة النساء لمصطفى أبو الغيظ (ص/157).
([6]) حاشية ابن عابدين (4/226).
([7]) الفقه الإسلامي وأدلته (9/6510)، خطبة النساء لمصطفى أبو الغيظ (ص/159).
([8]) حاشية الجمل على شرح المنهج (4/129).
([9]) الإنصاف (8/296)، الموسوعة الفقهية الكويتية (19/204).
([1]) حاشية ابن عابدين (9/451)، مغني المحتاج (3/166).
([2]) مراجع: حاشية ابن عابدين (9/450)، مواهب الجليل (5/21)، فتح الباري (10/228)، شرح مسلم للنووي (9/180)، النجم الوهاج (7/18)، المغني (9/490)، الإنصاف (8/17)، المحلى مسألة (1873)، شرح مسلم للعثيمين (4/633)، السلسلة الصحيحة (1/205)، فتاوى نور على الدرب لابن باز (3/1522)، تسهيل الإلمام للفوزان (4/314).
([3]) حسن: رواه أحمد (3/360)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/14)، والحاكم (2/165)، والبيهقي (7/84) عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ عن جابر به. وواقد بن عمرو ثقة ومحمد بن إسحاق ـ في السند ـ صدوق مدلس لكنه صرح بالتحديث في رواية فالسند حسن.
ورواه أحمد أيضًا (3/334)، وأبو داود (2082) عن واقد بن عبد الرحمن بن سعد عن جابر به. وواقد بن عبد الرحمن مجهول ولا يضر فإن الرواة الذين قالوا في السند: واقد بن عمرو ثقات، وهم أكثر عددا. لهذا حسن إسناده الألباني في السلسلة الصحيحة (99).
([4]) ضعيف: رواه عبد الرزاق (10353)، وسعيد بن منصور (3/147)، وفي سنده انقطاع وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (3/434).
([5]) النظر في أحكام النظر (ص/397).
([6]) انظر الشرح الممتع (12/22).
([7]) مراجع: حاشية ابن عابدين (9/452)، مواهب الجليل (5/22)، مغني المحتاج (3/166)، كشاف القناع (5/10)، سبل السلام (3/242).
([8]) فتاوى اللجنة الدائمة (19/146).
([9]) نقلا من كتاب خطبة النساء لمصطفى أبو الغيط (ص/99).
([10]) فتاوى علماء البلد الحرام (ص/600).
([11]) مراجع: بدائع الصنائع (3/204)، تفسير القرطبي (4/144)، الاستذكار (16/15)، مغني المحتاج (3/176)، المغني (9/572).
([12]) حاشية الدسوقي (3/11).
([13]) مراجع: البحر الرائق (4/234)، حاشية ابن عابدين (5/178)، بدائع الصنائع (3/204)، حاشية الدسوقي (3/11)، مواهب الجليل (5/39)، روضة الطالبين (5/376)، مغني المحتاج (3/176)، النجم الوهاج (7/37)، المغني (9/572)، الإنصاف (8/34)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (3/303)، المحلى مسألة (1877).
([14]) رواه مسلم (1480).
([15]) مراجع: البحر الرائق (4/234)، الاستذكار (16/10)، فتح الباري (10/250)، شرح مسلم للنووي (9/168)، المغنى (9/570)، المحلى مسألة (1877).
([16]) رواه البخاري (5144)، ومسلم (1412).
([17]) رواه البخاري (5144)، ومسلم (1413).
([18]) حاشية الدسوقي (3/7).
([19]) النجم الوهاج (7/40)، كشاف القناع (5/19).
([20]) فتح الباري (10/252)، مغني المحتاج (3/178)، الإنصاف (8/37).
([21]) مراجع: بداية المجتهد (2/3)، المنتقى للباجي (3/264)، الاستذكار (16/12، 14)، فتح الباري (10/251)، المغني (9/570)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (32/7)، الإنصاف (8/35).
([22]) مراجع: المنتقى للباجي (3/264)، حاشية الخرشي (4/128)، فتح الباري (10/252)، شرح مسلم للنووي (9/170)، النجم الوهاج (7/39)، المحلى مسألة (1876).
([23]) رواه مسلم (55).
([24]) وانظر معنى المحتاج (3/178).
([25]) راجع مغني المحتاج (3/178)، وكشاف القناع (5/11).
([26]) مراجع: حاشية الخرشي (4/128)، فتح الباري (10/251)، شرح مسلم للنووي (9/169)، المغني (9/571)، كشاف القناع (5/19)، الشرح الممتع (12/29).
([1]) مراجع: مرقاة المفاتيح (6/280)، مواهب الجليل (5/25)، المنتقى للباجي (3/264)، روضة الطالبين (5/376)، مغني المحتاج (3/175)، المغني (9/567)، الموسوعة الفقهية (19/190).
([2]) رواه مسلم (918).
([3]) مراجع: بدائع الصنائع (5/122)، حاشية ابن عابدين (9/450)، حاشية الدسوقي (3/4)، مواهب الجليل (5/21)، روضة الطالبين (5/365)، مغني المحتاج (3/165)، الإنصاف (8/16)، كشاف القناع (5/10)، المحلى مسألة (1873)، شرح مسلم للعثيمين (4/632).
([4]) ضعيف: رواه عبد الرزاق (10338)، وأحمد (3/493)، (4/226)، وابن ماجه (1864)، والبيهقي (7/85) وغيرهم من طريقين عن محمد بن مسلمة:
الأولى: فيها حجاج بن أرطأة مدلس وفيه ضعف ومحمد بن سليمان بن أبي حثمة مجهول حال.
والثانية: فيها رجل مبهم يرويه عن محمد بن مسلمة ونخشى أن يكون أخذه من محمد بن سليمان فالحديث ـ عندي ـ لا يرتقي للحسن بهاتين الطريقين وستأتي أحاديث بمعناه.
([5]) رواه مسلم (1424)، والنسائي (3234) وعنده بلفظ: «خطب رجل امرأة من الأنصار...» وهذا أوضح في الدلالة.
([6]) صحيح: رواه عبد الرزاق (10335)، وأحمد (4/245، 246)، والنسائي (3235)، والترمذي (1112)، وابن ماجه (1866)، والبيهقي (7/84) وغيرهم عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة به، وقد نفى ابن معين سماع بكر من المغيرة كما في التهذيب وأثبته الدارقطني كما في علله (7/139)، والمثبت مقدم على النافي فيكون السند صحيحا.
ورواه ابن ماجه (1865)، والبيهقي (7/84) عن ثابت عن أنس بن مالك عن المغيرة به، قال الدارقطني في علله: هذا وهم والصحيح عن ثابت عن بكر عن المغيرة، قال: ومدار الحديث على بكر المزني. اهـ
([7]) رواه مسلم (977)، والترمذي (1076).
([8]) انظر المغني (9/490)، فتاوى اللجنة الدائمة (18/75).
([9]) راجع فتاوى اللجنة الدائمة (18/82)، فتاوى علماء البلد الحرام (1/599).
([10]) مراجع: حاشية ابن عابدين (9/451)، النظر في أحكام النظر (ص/386)، روضة الطالبين (5/365)، مغني المحتاج (3/166)، الإنصاف (8/18)، المغني (9/490).
([11]) مراجع: بدائع الصنائع (5/122)، حاشية ابن عابدين (9/451)، حاشية الدسوقي (3/4)، روضة الطالبين (5/366)، مغني المحتاج (3/166)، النجم الوهاج (7/18)، المغني (9/490)، الإنصاف (8/18).
([12]) مراجع: حاشية ابن عابدين (4/58)، مواهب الجليل (5/21)، مغني المحتاج (3/165)، الإنصاف (8/17).
([13]) مراجع: إكمال المعلم (4/576)، مواهب الجليل (5/21)، النظر في أحكام النظر (ص/391)، فتح الباري (10/288)، شرح مسلم للنووي (9/180)، النجم الوهاج (7/17)، المغني (9/490)، كشاف القناع (5/9)، المحلى مسألة (1873).
([14]) صحيح: رواه أحمد (5/424)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/14)، والطبراني في الأوسط (915) بإسناد صحيح، ورواه البزار كما في كشف الأستار (1418) بإسناد فيه ضعف. وقد صحح الألباني الإسناد الأول في السلسلة الصحيحة رقم (97).
([15]) راجع مغني المحتاج (3/166)، وشرح مسلم للنووي (9/180)، وكشاف القناع (5/10).
([16]) انظر حاشية ابن عابدين (9/452)، وحاشية الدسوقي (3/4)، وشرح مسلم للنووي (9/180)، وكشاف القناع (5/10).