عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ I عَنْ رَسُولِ اللَّهِ H قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ». أَخْرَجَهُ مَالِكٌ, وأَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَة.
تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة: رواه مالك في الموطأ (454)، وأحمد (2/460)، والنسائي في الكبرى (3043)، والبيهقي (1/35)، وإسناده صحيح، وقد روي أيضًا موقوفًا على أبي هريرة، ولا يضر؛ فالرفع زيادة من ثقة فيقبل.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: حكم السواك عند الوضوء([1]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن الاستياك عند كل وضوء مستحب، ولا يكون واجبًا، فقد قال النبي H: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ»، أي: لو لا ما في الإلزام باستخدام السواك مع كل وضوء من مشقة وتعب وشدة؛ لأوجبت عليهم الاستياك مع كل وضوء، فلهذا خففه إلى الأمر غير اللازم، أي: إلى الاستحباب.
المسألة الثانية: محل السواك من الوضوء([2]):
ذهب بعض فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية إلى أن الأمثل في الاستياك أن يكون قبل الشروع في الوضوء، فلم ينقل عن النبي H أنه كان يستاك أثناء الوضوء. وقوله في الحديث: «مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ»، قد يفهم منه أنه داخل الوضوء. لكن المراد بـ(مع)، هنا عند، فقد جاء في رواية أخرى: «عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ»، أي: عند الشروع في الوضوء، وهذا هو الصحيح.
المسألة الثالثة: السؤال من سنن الصلاة([3]):
الذي عليه الشافعية والحنابلة والظاهرية: أن السواك يستحب عند القيام إلى الصلاة، أي: قبل الصلاة، فهو من سنن الصلاة أيضًا، ففي الصحيحين عن أبي هريرة I أن النبي H قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ»، وهذا هو الصحيح: أن السواك يستحب عند القيام إلى الصلاة، أي: عند الشروع في الصلاة.
أما من يخشى خروج الدم من اللثة إذا استاك؛ فيستاك برفق، ولا يترك هذه السنة.
([1]) انظر شرح مسلم (3/122)، المغني (1/133)، فتح الباري (3/31).
([2]) انظر موسوعة أحكام الطهارة للدبيان (4/719).
([3]) انظر المجموع شرح المهذب (1/272)، المحلى (1/423)، الإنصاف (1/118).