وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو L - فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ - قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ H بِرَأْسِهِ, وَأَدْخَلَ إِصْبِعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ, وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَة.
تخريج الحديث:
حديث عبد الله بن عمرو L: رواه أبو داود (135)، والنسائي (1/88)، وابن خزيمة (1/89)، وإسناده حسن، إلا أن هذا اللفظ بذكر صفة مسح الأذنين أخرجه أبو داود، ولم يذكره النسائي وابن خزيمة.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: حكم مسح الأذنين([1]):
جمهور أهل العلم على استحباب مسح الأذنين ولا يصل إلى الوجوب، لأنه جاء من فعل النبي H ولم يأمر به، ففي حديث عبد الله بن عمرو L: «ثُمَّ مَسَحَ H بِرَأْسِهِ وَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ وَمَسَحَ بِابهَامَيْهِ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ»، وكذلك جاء من حديث ابن عباس L عند ابن أبي شيبة (1/24)، النسائي (1/74)، والترمذي (36) وإسناده حسن، ومجرد الفعل لا يلزم منه الوجوب.
وأيضا قد ذكر صفة وضوء رسول الله جماعة من الصحابة، ولم ينقل عنه المسح على الأذنين إلا بعضهم، فالظاهر أن النبي H كان يتركه أحيانًا، ولم يواظب على فعله، فلا يكون واجبًا.
والمشهور عند الحنابلة، وقول بعض المالكية: أنه يجب مسحهما؛ لأنهما من الرأس، والرأس يجب استيعابه بالمسح كالفم والأنف من الوجه.
وأجيب: بأنهما من الرأس حكمًا لا حقيقة؛ ففي صحيح مسلم عن علي I أن رسول الله H كان يقول في سجوده: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي شَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ» فأضافه هنا للوجه، أو أنهما من الرأس في المسح دون الوجوب، فالرأس عند إطلاق لفظه إنما يتناول ما عليه الشعر، أو أنهما تبع له، لا أنهما يدخلان فيه. وقول الجمهور أقوى، والله أعلم.
المسألة الثانية: كيفية مسح الأذنين([2]):
الصحيح الذي عليه أكثر العلماء: أن السنة في مسح الأذنين: أن يمسح باطن أذنيه بأصبعيه السباحتين - أي السبابتين - ويمسح ظاهر أذنيه الذي مقابل الرأس بإبهاميه، اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى، فهذا هو الذي جاء عن رسول الله، ففي حديث عبد الله بن عمرو: «وَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ فِي أُذُنَيْهِ وَمَسَحَ بِابهَامَيْهِ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ»، وفي حديث ابن عباس L: «ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ بَاطِنِهِمَا بِالسَّبَّاحَتَيْنِ وَظَاهِرِهِمَا بَإِبْهَامَيْهِ».
([1]) انظر الأوسط (1/45)، الاستذكار (2/195)، المغني (1/183)، الذخيرة للقرافي (1/266)، حاشية الدسوقي (1/163)، شرح العمدة لابن تيمية (1/186)، الإنصاف (1/162).
([2]) انظر سنن الترمذي (1/109)، المجموع شرح المهذب (1/410)، المغني (1/183).