وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ, وَتَرَجُّلِهِ, وَطُهُورِهُ, وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
45 - 14- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِمَيَامِنِكُمْ». أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
تخريج الحديثين:
حديث عائشة J: رواه البخاري (168)، ومسلم (268).
حديث أبي هريرة: رواه أحمد (2/345)، وأبو داود (4141)، وابن ماجه (402)، وابن خزيمة (178) وإسناده صحيح، ولم يرو الحديث النسائي والترمذي.
فقه الحديثين:
المسألة الأولى: التيامن في الوضوء([1]):
معناه: الابتداء في الوضوء بالعضو الأيمن قبل العضو الأيسر.
عامة العلماء على استحباب التيامن في الوضوء، فيستحب تقديم العضو الأيمن قبل العضو الأيسر، والأمر في قَوْلُهُ: «إِذَا تَوَضَّأْتُمْ فابدأوا بِمَيَامِنِكُمْ»، يحمل على الاستحباب، والصارف له أمران:
الأمر الأول: إجماع أهل العلم على استحباب التيمن، وقد خالف ابن حزم فقال بوجوبه، لكنه محجوج بالإجماع قبله.
الأمر الثاني: أن الله E أمر بالوضوء، ولم يذكر الأمر بالترتيب بين العضو الأيمن والعضو الأيسر، قال تعالى: ﴿ فَٱغۡسِلُواْ وُجُوهَكُمۡ وَأَيۡدِيَكُمۡ إِلَى ٱلۡمَرَافِقِ وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُمۡ وَأَرۡجُلَكُمۡ إِلَى ٱلۡكَعۡبَيۡنِ ﴾ [ المائدة: ٦ ]، فدل ذلك على أن الأمر فيه ليس على وجه اللزوم، وإنما على وجه الاستحباب والكمال.
واليدان عضو، والرجلان عضو؛ فلا يجب الترتيب في العضو الواحد.
المسألة الثانية: التيامن في غير الوضوء:
لا خلاف بين أهل العلم أن الأصل تقديم الجهة اليمنى على اليسرى في الشؤون كلها، ففي حديث عائشة J: «كَانَ النَّبِيُّ H يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهُ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ»، في«تنعله»، أي: في لبس النعال يبدأ باليمنى قبل اليسرى.
وفي «وَتَرَجُّلِهِ»، أي: إذا مشط شعره يبدأ بالجهة اليمنى قبل اليسرى.
وفي «وَطُهُورِهُ»، كما مر.
وفي «شَأْنِهِ كُلِّهِ»، وهذا لأجل التشريف والتكريم للجهة اليمنى.
قال بعض العلماء: يخرج من هذا العموم: ما ليس فيه التكريم والتشريف للعضو، كخلع النعال أو الملابس، والخروج من المسجد، ودخول الخلاء.
وقد جاء عن حفصة J: «أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ»، رواه أحمد (6/287)، وأبو داود (32). وسنده ضعيف.
([1]) انظر شرح مسلم (3/138)، المغني (1/190)، مجموع الفتاوى (32/209).