وَلَهُمَا فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ: ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى فَرْجِهِ, فَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ, ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا الْأَرْضَ.
وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ.
وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ، فَرَدَّهُ, وَفِيهِ: وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ.
تخريج الحديث:
حديث ميمونة بزياداته: رواه البخاري (259، 274)، ومسلم (317).
فقه الحديث:
المسألة الأولى: غسل اليد الشمال بماء مع مطهر بعد غسل الفرج([1]):
قال الفقهاء: يستحب للشخص - إذا غسل فرجه من الجنابة - أن يغسل يده اليسرى بشيء مع الماء؛ لأنها اليد التي تباشر تغسيل الفرج، فربما علق بها شيء من أذى، فقد كان النبي H إذا غسل فرجه عند غسل الجنابة يضرب بيده الشمال في الأرض، وفي رواية: يدلكها دلكا شديدًا. وفي رواية: فيمسحها بالتراب.
المسألة الثانية: تنشيف الجسد بالمنديل بعد الغسل أو الوضوء([2]):
اختلف العلماء في حكم التنشيف بعد الوضوء أو الغسل على ثلاثة أقوال:
القول الأول: يستحب ترك تنشيف الأعضاء بعد الغسل والوضوء بمنديل أو غيره؛ لأن النبي H عندما جاءته ميمونة بالمنديل رده، ورده يدل على عدم استحبابه.
القول الثاني: يستحب التنشيف؛ لأن ميمونة أتت النبي H بالمنديل، ففيه دليل على أن عادة النبي H أنه يستخدم المنديل بعد الغسل، وأما رد النبي H للمنديل في حديث ميمونة؛ فلعل المنديل لم يكن نظيفًا، أو لأنه كان مستعجلًا.
القول الثالث: يباح التنشيف، ولا يقال باستحباب فعله، ولا باستحباب تركه، فيستوي فيه الفعل والترك، وذلك لأن حديث ميمونة لا دلالة فيه على أنه يستحب التنشيف، ولا أنه يستحب ترك التنشيف، بل الاحتمال وارد، فلما استوى الاحتمالان لم يمكن الترجيح، فكان من قسم المباحات. وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الصحيح.
وجاء من حديث عائشة J: «أَنّ النَّبِيَّ H كَانَ لَهُ خِرْقَةٌ يُنَشِّفُ بِهَا بَعْدَ الوُضُوءِ»، رواه الترمذي (53) وقال: لا يصح في هذا الباب عن
رسول الله شيء. اهـ وله شواهد، كلها ضعيفة لا يرتقي بها إلى الحسن([3]).
المسألة الثالثة: التيامن في الغسل([4]):
لا خلاف بين أهل العلم في استحباب التيامن في الغسل، أي: أن يبدأ - المغتسل من الجنابة أو الحيض - بالشق الأيمن من الجسد، ثم بالشق الأيسر من الجسد.
ودليله: ما جاء في الصحيحين عن عائشة J أنها قالت: «كَانَ النَّبِيُّ H يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ»، وهذا يشمل الطهارة الصغرى والطهارة الكبرى.
وأيضًا جاء في الصحيحين عن عائشة J قالت: «كَانَ النَّبِيُّ H إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ».
([1]) انظر شرح مسلم (3/198)، فتح الباري لابن رجب (1/274).
([2]) انظر شرح مسلم (3/198)، المغني (1/195)، فتح الباري (1/484)، فتح الباري لابن رجب (1/324).
([3]) شرح مسلم (3/198)، تلخيص الحبير (1/99).
([4]) انظر المجموع شرح المهذب (2/198)، المغني (1/288)، الموسوعة الفقهية (31/214).