الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ, فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا?

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ, فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا?
4

- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ I قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ, فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا? فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ, ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ, فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ, وَإِنْ كَانَ صَلَّى تَمَامًا كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.


تخريج الحديث:

حديث أبي سعيد: الخدري رواه مسلم (571).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: إذا شك المصلي في صلاته فلم يدر كم صلى ولم يستطع الترجيح([1]):

الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه يبني على الأقل، وذكر بعض أهل العلم أنه لا خلاف فيه بين العلماء، فإذا شك فلم يدر هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، ولم يستطع الترجيح؛ فإنه يبني على اليقين، واليقين: هو الذي لا شك فيه، وهو الأقل؛ فيجعلها ثلاثًا كما يفهم من حديث أبي سعيد «فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ» فهو شاك في الأربع، لكنه مستيقن بالثلاث، فيأخذ بها.

وإن شك: أسجد سجدتين أم واحدة؟ يبني على الأقل؛ فيجعلها سجدة واحدة، ويضيف لها ثانية.

المسألة الثانية: متى يسجد للسهو في هذه الحالة([2])؟

الصحيح من أقوال أهل العلم: أنه يستحب له أن يسجد للسهو في هذه الحالة قبل أن يسلم، وهو مذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية، ورواية لمالك.

ودليله: ما جاء في حديث أبي سعيد I: «فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا؟ فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ».

وقال بعض أهل العلم: يسجد بعد السلام؛ لأن سجود السهو زائد على أصل الصلاة، فناسب أن يكون خارج الصلاة، وهذا القول مردود؛ لأنه قول بمقابل النص. وأيضًا يمكن أن يرد عليه بقول مثله، وذلك بأن يقال: سجود السهو متعلق بالصلاة، ولأجل الصلاة، فناسب أن يكون في داخلها قبل السلام.

المسألة الثالثة: حكم سجود السهو([3]):

الصحيح عند الحنفية والحنابلة، وقول للمالكية: أن سجود السهو واجب؛ لأن النبي H أمر به، والأمر يقتضي الوجوب، ففي حديث أبي سعيد I: «ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ»، وفي الصحيحين عن أبي هريرة I قال: «فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى ثلاثًا أَوْ أربعًا فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ». مع مواظبة رسول الله H عليه، وهو الأصح.

ومذهب الشافعية، والمشهور عند المالكية، وقول بعض الحنفية، ورواية للحنابلة: أنها سنة فقط؛ لأنه فعل لما لا يجب، فلا يجب.

ولا يجب السجود في موضع معين، أي: قبل السلام فقط أو بعده فقط، عند جمهور العلماء ونقل بعضهم عليه الإجماع، وإنما تنازعوا في الأفضل، والأفضل على الصحيح من أقوال أهل العلم: بحسب ما دل عليه النص لكل حالة من الحالات، فإن دلت الأدلة على أن السجود في هذه الحالة كان قبل السلام؛ فالأفضل أن يسجد قبل السلام، وإن دلت الأدلة على أن السجود في هذه الحالة كان بعد السلام؛ فالأفضل أن يسجد بعد السلام.

فإن وجدت حالة لا دليل عليها؛ فالسجود قبل السلام أولى، لأن هذا السجود لأجل الصلاة، ولشأن الصلاة؛ فكان جزءًا منها، فيكون السجود في داخلها أولى من أن يكون في خارجها، وهو المذهب عند الحنابلة.

المسألة الرابعة: إذا نسي المصلي سجود السهو([4]):

إذا نسي سجود السهو، ثم ذكر قريبًا، ولم يطل الفصل؛ فإنه يأتي بسجدتي السهو، لأن الفصل هنا يسير، فلا يؤثر. وأما إذا طال الفصل؛ فجمهور أهل العلم يرون أنه لا يؤتى بسجود السهو، لتعذر البناء على الصلاة مع طول الفصل.

وذهب جماعة من أهل العلم، وهو مذهب الظاهرية، وقول للشافعي، ورواية لأحمد، وقول شيخ الإسلام ابن تيمية: أنه يؤتى بسجود السهو، ولو طال الفصل؛ لأن النبي H أمر به، فلا تبرأ ذمة العبد إلا به، ولم يحدد النبي H لفعله وقتًا محددًا لا يصح بعده. والقول الأول أقيس، ولو جاء بهما بعد طول الفصل؛ فلا بأس إن شاء الله.

فإذا نسي سجود السهو حتى طال الفصل لم تبطل الصلاة، وهو مذهب الحنفية والشافعية، والصحيح عند الحنابلة؛ لأنه جابر للعبادة بعدها ومشروع في الصلاة خارج عنها، فكان واجبًا مستقلًّا كالأذان، فلا تفسد الصلاة بتركه.

وقال بعض أهل العلم: تبطل صلاته ويلزم إعادتها.

والقول الأول أرجح، فلا دليل على بطلان الصلاة بنسيان سجود السهو.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (4/111)، المغني (2/406)، نيل الأوطار (2/327).

([2]) المغني (2/415)، المحلى [مسألة] (473)، المجموع شرح المهذب (4/109، 155).

([3]) المجموع شرح المهذب (4/152، 155)، مجموع الفتاوى (23/28، 36)، المغني (2/415)، الإنصاف (2/150، 153)، حاشية ابن عابدين (2/471)، الموسوعة الفقهية (24/234).

([4]) المغني (2/405، 430)، مجموع الفتاوى (23/34)، المحلى (4/116)، المجموع شرح المهذب (4/161)، فتح الباري لابن رجب (9/397).

4 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة