وَعَنْ عُمَرَ I النَّبِيِّ H قَالَ: «لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلَفَ الْإِمَامَ سَهْوٌ، فَإِنْ سَهَا الْإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ». رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
تخريج الحديث:
حديث عمر I: رواه الدارقطني (1/377)، والبيهقي (2/352)، وسنده ضعيف جدا؛ ففيه خارجة بن مصعب، متروك، وأبو الحسين المديني، مجهول.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: إذا سها المأموم في صلاته دون الإمام([1]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن المأموم لا يسجد للسهو، فعن عمر أن النبي H قال: «لَيْسَ عَلَى مَنْ خَلْفَ الإِمَامَ سَهْوٌ فَإِنْ سَهَا الإِمَامُ فَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ خَلْفَهُ»، ولأن المأموم مطالب بمتابعة الإمام وعدم الاختلاف عليه، فلو سها المأموم وسجد للسهو؛ كان قد اختلف على إمامه، ولأنه لم يؤثر عن الصحابة أنهم كانوا يسجدون للسهو بعد صلاتهم مع رسول الله H، ومحال أنه لم يحصل لهم السهو أبدًا، فلا شك أنهم كانوا يسهون أحيانًا، ولم ينقل عنهم أنهم كانوا يسجدون للسهو.
وأما إذا سها المأموم عن ركن من أركان الصلاة؛ ففي هذه الحالة يأتي المأموم بركعة كاملة، لأن ركعته هذه باطلة، فأصبح كالمسبوق، وبالتالي يسجد – أيضًا- للسهو؛ لأنه سيأتي بركعة كاملة.
ولو كان المأموم مسبوقًا، فسها فيما بقي من صلاته؛ فإنه يسجد للسهو، لأنه انفصل عن إمامه، وصار بحكم المنفرد.
المسألة الثانية: إذا سها الإمام فلم يسجد للسهو([2]):
فيه حالتان:
الأولى: إذا تابعه المأموم في هذا السهو؛ فإن المأموم يسجد للسهو ولو لم يسجد الإمام؛ لأنه إذا لم يجبر الإمام صلاته جبر المأموم صلاته، كما لو نسي الإمام التشهد الأوسط وتبعه المأموم حتى لا يختلف عليه، فيسجد الإمام والمأموم، فإن لم يسجد الإمام سجد المأموم، لأن النقص في الصلاة حصل للاثنين، وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الراجح.
الثانية: إذا لم يتابع المأموم الإمام في سهوه: مذهب جماعة من السلف والحنفية، وبعض الشافعية، ورواية لأحمد: أن المأموم لا يسجد للسهو؛ لأن المأموم لم يسهُ حتى يطالب بسجود السهو، ولأن المأموم إنما يسجد تبعًا، فإذا لم يسجد الإمام؛ فلا يوجد المقتضي لسجود المأموم، وهو مطالب بالاقتداء بالإمام وعدم الاختلاف عليه.
ومذهب مالك والشافعي، والمذهب عند الحنابلة وغيرهم: أن المأموم يسجد؛ لأنه إذا لم يجبر الإمام صلاته جبر المأموم صلاته، لأنه لما سها دخل النقص على صلاة المأموم، فلا يسقط عن المأموم بترك الإمام، وهو الأولى.
المسألة الثالثة: إذا كان المأموم مسبوقا وسها الإمام([3]):
سواء كان السهو قبل اقتداء المسبوق به أو بعده:
إذا سجد الإمام قبل السلام؛ فيسجد المأموم معه، حتى لا يختلف عليه، وعليه جمهور العلماء.
وإذا سجد للسهو بعد السلام، قام المأموم لقضاء ما عليه، ولا يسجد معه للسهو، وهو المشهور عن مالك، ووجه للشافعية، ورواية لأحمد، وقول ابن حزم؛ لأن الإمام إذا سلم خرج من صلاته، فلا يتابعه المأموم في هذه الحالة؛ لأن صلاته لم تنته بعد، فبقيت معه ركعة أو أكثر، ثم يأتي بالسجود بعد سلامه من صلاته.
ومذهب الحنفية، والصحيح عند الشافعية والحنابلة: أنه يسجد مع الإمام لأجل المتابعة، فقد قال رسول الله H: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»، ولأنه سجود متعلق بالصلاة، فيتابعه فيه كما يتابعه بالسجود قبل السلام، وهذا القول أولى. فإن استقام قبله سهوًا أو جهلًا وشرع في القراءة؛ فلا يرجع ويسجد بعد سلامه من صلاته، كما نص عليه الإمام أحمد.
([1]) المحلى [مسألة] (470)، المجموع شرح المهذب (4/143)، المغني (2/439)، فتح الباري لابن رجب (6/144).
([2]) الأوسط (3/322)، المجموع شرح المهذب (4/146)، المغني (2/441)، الإنصاف (2/151)، الموسوعة الفقهية (24/242).
([3]) المجموع شرح المهذب (4/147)، المحلى [مسألة] (469)، المغني (2/440)، الأوسط (3/323)، بداية المجتهد (1/197)، الإنصاف (2/152)، حاشية ابن عابدين (2/477).