وَعَنْ ثَوْبَانَ I: أَنَّ النَّبِيَّ H قَالَ: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
تخريج الحديث:
حديث ثوبان: رواه أبو داود (1034)، وابن ماجه (1219)، وسنده ضعيف، ففيه زهير بن سالم العنسي، منكر الحديث.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: ترك المسنون سهوا([1]):
من ترك فعلًا أو قولًا مستحبًّا في الصلاة سهوًا، مثلًا: نسي دعاء الاستفتاح أو التعوذ أو سورة بعد الفاتحة أو الدعاء قبل السلام؛ فهل يشرع له سجود السهو؟
فيه خلاف بين العلماء:
والصحيح من أقوالهم: أنه يشرع له سجود السهو؛ لأنه قول أو فعل مشروع، فيجبره إذا نسيه بسجود السهو. ولا يجب سجود السهو؛ لأن هذا الفعل أو القول الذي نسيه ليس واجبًا، فلم يكن جابره واجبًا كذلك، وهو مذهب مالك، والصحيح عند الحنابلة، ووجه للشافعية.
وهذا السجود إنما يشرع إذا ترك سنة اعتاد المواظبة على الإتيان بها.
المسألة الثانية: سجود السهو لترك واجب في الصلاة عمدا([2]):
مذهب الحنفية والحنابلة، وهو وجه للشافعية: أن سجود السهو لا يشرع لمن ترك واجبًا من واجبات الصلاة عمدًا، وذلك لأن الأدلة جاء الأمر فيها بالسجود لمن ترك واجبًا سهوًا، ولأن من ترك واجبًا عمدًا لم يكن معذورًا، فلا جبران له، وهو الراجح.
المسألة الثالثة: إذا سها في أكثر من واجب([3]):
مثلًا: نسي التشهد الأوسط، ونسي أذكار الركوع أو السجود - على القول بوجوبها-:
فالصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه يسجد سجودًا واحدًا.
وصفته: سجدتان يفصل بينها بالجلوس، ولا يكرر هذا السجود بعدد ما سها من الواجبات، لأن سجود السهو إنما أخر إلى آخر الصلاة؛ ليجمع السهو كله، وإلا لكان فعله عقب سببه مباشرة، كلما سها سجد مباشرة للسهو.
وأما ما جاء في حديث ثوبان: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ»؛ فهو حديث ضعيف.
المسألة الرابعة: السهو في صلاة النافلة([4]):
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن السهو في صلاة النافلة كالسهو في صلاة الفريضة، يشرع له سجود سهو؛ لأن الأدلة عامة، والأصل عدم التفريق بين صلاة الفريضة وصلاة النافلة في الأحكام، والله أعلم.
وفي حديث ثوبان: «لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ» وهذا عام فيشمل الفرض والنفل.
([1]) المجموع شرح المهذب (4/126، 128)، المغني (2/426، 433)، الإنصاف (2/121)، الشرح الممتع (3/530).
([2]) المجموع شرح المهذب (4/125)، المغني (2/442).
([3]) المغني (2/437).
([4]) المغني (2/443)، فتح الباري (3/437).