الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ, فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عَائِشَةَ قَالَتْ: «أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ, فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
2

عَنْ عَائِشَةَ J قَالَتْ: «أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ, فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الْحَضَرِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِلْبُخَارِيِّ: «ثُمَّ هَاجَرَ, فَفُرِضَتْ أَرْبَعًا, وَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ عَلَى الْأَوَّلِ».

(425) 02- زَادَ أَحْمَدُ: «إِلَّا الْمَغْرِبَ، فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ, وَإِلَّا الصُّبْحَ, فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا الْقِرَاءَةُ».

(426) 03- وَعَنْ عَائِشَةَ J: «أَنَّ النَّبِيَّ H كَانَ يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ, وَيَصُومُ وَيُفْطِرُ». رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ, وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. إِلَّا أَنَّهُ مَعْلُولٌ.

وَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ فِعْلِهَا, وَقَالَتْ: «إِنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيَّ». أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.

(427) 04- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ.

وَفِي رِوَايَةٍ: «كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ».

تخريج الأحاديث:

الحديث الأول: عن عائشة J:

اللفظ الأول: رواه البخاري (1090)، ومسلم (685)،

واللفظ الثاني: في البخاري (3935)، والزيادة المذكورة: «إِلَّا المَغْرِبَ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَإِلَّا الصُّبْحَ، فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا القِرَاءَةُ» رواها أحمد (6/241)، وهي من طريق الشعبي عن عائشة L، وقد اختلف في سماعه من عائشة J، فقال أبو داود: سمع منها. وقال ابن معين وأبو حاتم: لم يسمع منها([1]). وعلى قاعدة: المثبت مقدم على النافي؛ يكون السند صحيحًا. وقد رواه ابن خزيمة (305)، والبيهقي (3/145) وغيرهما عن الشعبي عن مسروق عن عائشة J، وهذا متصل، ولكن إسناده ضعيف.

الحديث الثاني: عن عائشة J، رواه أيضًا الدارقطني (2/189)، والبيهقي (3/141)، عن عطاء عن عائشة J، ورواته ثقات، ولكن أعل هذا الحديث بعض الأئمة، فأنكره الإمام أحمد وقال: الناس يروونه عن عطاء مرسلا([2]). ا.هـ وقال ابن تيمية: هذا كذب على رسول الله H. وقال ابن القيم: لا يصح عن رسول الله H([3]). «وَالمَحْفُوظُ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ فِعْلِهَا، أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيّ»، في سننه (3/143)، وإسناده صحيح، وقد أخرج الموقوف عن عائشة J بنحوه البخاري (1090)، ومسلم (685).

الحديث الثالث: عن ابن عمر L:

اللفظ الأول: رواه احمد (2/108)، وابن خزيمة (950)، وابن حبان (2742)، وإسناده حسن.

واللفظ الثاني: رواه ابن حبان (3568)، والبيهقي (3/140) بنفس الإسناد.

فقه الأحاديث:

مسألة: حكم القصر في السفر([4]):

ذهب جماعة من السلف، ومذهب الحنفية والظاهرية، ورواية لمالك، ورواية لأحمد: إلى أن القصر في الصلاة واجب. والمقصود بالصلاة التي تقصر في السفر: العشاء، والظهر، والعصر. وأما المغرب والفجر؛ فلا تقصران، بلا خلاف بين العلماء، فقد قال رسول الله H: «إِلَّا المَغْرِبَ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَإِلَّا الصُّبْحَ، فَإِنَّهَا تَطُولُ فِيهَا القِرَاءَةُ».

والدليل على وجوب القصر في السفر الآتي:

الأول: حديث عائشة J، قالت: «أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ وَأُتِمَّتْ صَلَاةُ الحَضَرِ»، والشاهد: أن الصلاة فرضت في الحضر والسفر ركعتين - والفرض هو الواجب - ثم أقرت فرضًا ركعتين في السفر وزيدت في الحضر. وبنحوه من حديث ابن عباس L عند مسلم قال: «فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ H فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ».

الثاني: ما رواه مسلم عن عمر I أن النبي H قال في قصر الصلاة في السفر: «صَدَقَةٌ، تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ»، فقَوْلُهُ: «فاقبلوا» أمر، والأمر عند الإطلاق يقتضي الوجوب، فيجب قبول هذه الصدقة وهي القصر في السفر.

الثالث: حديث ابن عمر L وفيه: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ»، وفي رواية: «كَمَا يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُهُ»، فشبه النبي H محبة الله D لإتيان الرخصة - وهي ما خفف عن الحكم الأصلي - بكراهيته لإتيان المعصية، وإتيان المعصية محرم، فيكون ما شبه به وهو ترك الرخصة في العبادة محرمًا كذلك، وعلى الرواية الثانية شبه النبي H
محبة الله D لإتيان الرخصة بمحبته لإتيان العزائم. والعزائم: هي المفروضات والواجبات، والمفروضات يجب الإتيان بها، فكذلك الرخص يجب الإتيان بها.

وما جاء عنه H أنه كان يتم في السفر؛ فلا يصح، وإنما صح من فعل عائشة J، مع أن عائشة J ذكرت أن القصر في السفر فُرِض فرضًا، وقد أشكل هذا على بعض الرواة، فقالوا لعروة راوي الحديث عن عائشة J ـ كما في الصحيحين ـ: «مَا بَالُ عَائِشَةَ تُتِمُّ، قَالَ: تَأَوَّلَتْ مَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ»، أي: تتم تأولًا منها، وقد ذكرت عائشة J تأويلها الذي كانت تتأوله، فقالت: «يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّهُ لا يَشُقُّ عَلَيَّ»، فكانت تتأول باجتهاد منها أن من لا يشق عليه الإتمام في السفر فالأفضل أن يتم الصلاة.

وكذلك عثمان I كان يتم في السفر ـ كما في الصحيحين ـ يتأول أن جميع البلاد موطنًا له؛ لأنه خليفة المسلمين، أو أنه لا يجد مشقة في الإتمام، وقد خالفهم جماعة من الصحابة فأنكروا الإتمام في السفر، ففي البخاري: «صَلَّى بِنَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ I بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقِيلَ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ I فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ H بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ I بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ I بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ، فَلَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ»، وصح عن ابن عمر أنه كان يقول: «صَلاة السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، مَنْ خَالَفَ السُّنَّةَ كَفَرَ»، رواه عبد الرزاق (2/519)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/422).

وقوله E: ﴿ وَإِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ [النساء: ١٠١]، نفي الجناح هنا لا يلزم أن يكون للتخيير، فقد يكون على الإيجاب، كقوله D: ﴿ إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِۖ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا [البقرة: ١٥٨]، وهذا السعي واجب عند عامة العلماء، ولو أتمها المسافر؛ فإنه يأثم ولا تبطل صلاته عند أكثر من قال بوجوب القصر في السفر، وهو الراجح؛ فلم يحكم الصحابة على صلاة عثمان I بالبطلان، وصلوا خلفه.

وذهب جمهور العلماء إلى أن القصر في السفر مستحب فقط، فقوله تعالى:
 ﴿ فَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٌ أَن تَقۡصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَوٰةِ يدل على أن القصر رخصة مخير المسافر بين فعله وتركه، وسماها رسول الله: (صدقة) فدل ذلك على أنها رخصة لا عزيمة، وقد قصر رسول الله في السفر وأتم كما نقلته عائشة عنه.

والقول الأول هو أرجح؛ لقوة أدلته، وإمكان الرد على أدلة المخالف. ولا تبطل صلاة من أتم؛ لما سبق ذكره

 

([1]) سؤالات الآجري (519)، جامع التحصيل (248).

([2]) العلل ومعرفة الرجال (1/405).

([3]) زاد المعاد (1/465).

([4]) المجموع شرح المهذب (4/320)، المحلى [مسألة] (512)، مجموع الفتاوى (24/107)، زاد المعاد (1/465)، فتح الباري (3/273، 280)، الإنصاف (2/320).

2 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة