الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا خَطَبَ, احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ, وَعَلَا صَوْتُهُ, وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ, حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ,

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ إِذَا خَطَبَ, احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ, وَعَلَا صَوْتُهُ, وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ, حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ,
5

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ L قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H إِذَا خَطَبَ, احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ, وَعَلَا صَوْتُهُ, وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ, حَتَّى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ, وَيَقُولُ: «أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ, وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ, وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ كَانَتْ خُطْبَةُ النَّبِيِّ H يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ, ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ, وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ.

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: «مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ».

وَلِلنَّسَائِيِّ: «وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ».

تخريج الحديث:

حديث جابر I، بجميع الروايات المذكورة رواه مسلم (867)، إلا زيادة «وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ» فرواها النسائي (3/189) بإسناد صحيح.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الحمد والثناء على الله D في خطبة الجمعة([1]):

اختلف العلماء في حكم الحمد والثناء على الله D في خطبة الجمعة، فقال الشافعية والحنابلة: هو شرط في صحة الخطبة فلا تصح الخطبة إلا به، فلو خطب ولم يحمد الله ولم يثن عليه؛ تبطل الخطبة؛ لأن النبي H كان يداوم على حمد الله D والثناء عليه في خطبة الجمعة، ولما رواه أحمد (2/359)، وأبو داود (484) وغيرهما عن أبي هريرة I أن النبي H قال: «كُلُّ أَمْرٍلا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ الله فَهُوَ أَبْتَر»، أي: أقطع، وهذا الحديث ضعيف، الصحيح فيه الإرسال([2]).

وذهب الحنفية والمالكية وابن حزم إلى أن حمد الله والثناء عليه في خطبة الجمعة مستحب وليس بواجب، فالحمد والثناء من مكملات الخطبة، وليست من شروط صحة الخطبة، فليس هنالك دليل كاف يعتمد عليه للقول بوجوب الحمد والثناء على الله D في خطبة الجمعة، وهو الأرجح.

المسألة الثانية: الصلاة على النبي H في الخطبة([3]):

فيها خلاف عند العلماء:

فذهب الشافعية والحنابلة في الصحيح عندهم إلى أن الصلاة على النبي H تعتبر شرطًا في صحة الخطبة، فلو خطب ولم يصل على النبي H لا تصح خطبته، وذلك لأنه إذا وجب ذكر الله D وجب ذكر النبي H، فكل عبادة افتقرت إلى ذكر الله D؛ فقد افتقرت إلى ذكر النبي H.

وذهب الحنفية والمالكية وابن حزم الظاهري، وهو وجه للحنابلة إلى أن الصلاة على النبي H في خطبة الجمعة مستحبة وليست بواجبة، فلا دليل على اشتراطها ولزومها، وهو الأرجح.

ومع ترجيح عدم الوجوب؛ فإن الأحوط عدم ترك الحمد والثناء على الله D والصلاة على النبي H في الخطبة، وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين القول بعدم شرطية الحمد والثناء على الله والصلاة على النبي H في الخطبة قال: «وهذا وإن كان له حظ من النظر؛ فلا ينبغي للإنسان أن يعمل به إذا كان أهل البلد يرون القول بشرطيتهما، لأنهم ربما تشككوا في صحة جمعتهم([4])». اهـ.

وقد يقال بوجوب التلفظ بالشهادتين خاصة في الخطبة، وذلك بأن يقول الخطيب: «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله»، فقد كان النبي H يداوم على ذلك، وأيضًا لما رواه أحمد (2/302)، وأبو داود (4841) وغيرهما عن أبي هريرة I أن النبي H قال: «كُلُّ خُطْبَةٍ لَيْسَ فِيهَا شَهَادَةٌ، كَالْيَدِ الْجَذْمَاءِ»، وفي رواية: «لَيْسَ فِيهَا تَشَهُّدٌ»، واليد الجذماء: هي اليد المقطوعة. وإسناده حسن([5])، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، والله أعلم.

المسألة الثالثة: رفع الصوت عند إلقاء الخطبة([6]):

استحب أصحاب المذاهب الأربعة رفع الصوت عند إلقاء الخطبة بحسب القدرة، فقد كان النبي H «إِذَا خَطَبَ، احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ، وَعَلَا صَوْتُهُ». وروى أحمد (4/268) عن النعمان بن بشير I قال: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ H يَخْطُبُ يَقُولُ: أَنْذَرْتُكُمْ النَّارَ، أَنْذَرْتُكُمْ النَّارَ، أَنْذَرْتُكُمْ النَّارَ، حَتَّى لَوْ أَنَّ رجلًا كَانَ بِالسُّوقِ، لَسَمِعَهُ مِنْ مَقَامِي هَذَا»، إسناده حسن. أي: أن النبي H كان يبالغ في رفع صوته في الخطبة.

والحكمة من رفع الصوت في الخطبة: حتى يسمع الجميع، وتعظيمًا لأمر وشأن الخطبة، والمكبرات في هذه الأزمنة توفر كثيرًا من الجهد والتعب في رفع الصوت.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (4/519)، المغني (3/174)، المحلى [مسألة] (527)، الإنصاف (2/386)، الموسوعة الفقهية (19/177).

([2]) ضعفه الألباني في الإرواء رقم (2).

([3]) انظر جلاء الأفهام (ص/436)، والمراجع السابقة.

([4]) الشرح الممتع (5/70).

([5]) حسنه شيخنا الوادعي في الجامع الصحيح (2/184).

([6]) أحكام خطبة الجمعة للحجيلان (ص/181).

5 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة